aren

تركيا تستنجِد بـِ«الناتو»..هل «سقطَ» المشروع العثمانيّ؟ \\ كتابة : محمد خروب
الخميس - 13 - فبراير - 2020

إذا كان من المبكر نعي «الدفء» النسبي الذي تميّزت به العلاقات الروسية/ التركية، فإنِّ من السذاجة الإعتقاد أن علاقات موسكو بأنقرة ستتواصل على النحو الذي استمرت عليه, وبخاصة بعد اعتذار أردوغان عن إسقاط الطائرة الروسية(24/11/2015)، بل يمكن القول في غير تسرّع أن التدهور سيكون سمة المرحلة المقبلة بينهما، ليس فقط في إدراك موسكو العميق أن أنقرة لم تغادر حلف الناتو حتى بعد الأزمة التي افتعلها الحلف بتحريض أميركي بعد شراء أنقرة منظومة صواريخ S-400، بل وأيضاً لأن أنقرة لم تكن جادة بتقاربها مع موسكو, بقدر ما وظّفت تلك العلاقة لابتزاز واشنطن والتلويح بالذهاب بعيداً (نظرياً) في بإنخراط ثلاثي مع روسيا وإيران اتخذ بعض تجلّياته بانضمام الى صيغتي استانا وسوتشي بديلاً (مؤقتاً) عن صيغة مؤتمر جنيف الذي تمترست خلفه واشنطن, سواء بصيغة «جنيف1» ثم رضوخها للتعامل مع القرار الأُممي 2254.

واذ يُستبعَد انخراط «الناتو» في مغامرة أردوغان الراهنة بعد سقوط ثمانية من جنوده في 3 الجاري عشية زيارته المثيرة للجدل لأوكرانيا, ثم جاءت الضربة السورية الثانية لقوات الغزو التركية في مطار تفتناز بعد اختلاط الجنود الأتراك بالمجاميع الإرهابية وخصوصاً تنظيم حرّاس الدين، فان وصول المبعوث الأميركي جيمس جيفري إلى أنقرة اليوم وما ستسفر عنه مباحثاته, سيكون مؤشراً على مدى وحجم الانخراط الأميركي في المشهد المُستجد على جبهات ادلب, كما على مستوى التوتر المتصاعد الذي بات يحكم علاقات أنقرة بموسكو, حيث الأخيرة لا تعير اهتماماً لدعوات أنقرة المتكررة عقد لقاء بين بوتين وأردوغان, بل وتواصِل الإسناد الجوي للجيش السوري في تقدمه المتسارع في إدلب وريفي حلب وإدلب, وهناك تسريبات تتحدث عن هجوم سوري روسي متوقّع بدءاً من جسر الشغور باتجاه مدينة إدلب إلى نحو تلتقي فيها مع وحدات الجيش السوري على جبهات سراقب والعيس (ريف حلب).

ليس مهماً وبعد انهيار الجماعات الإرهابية التي يرفدها بالسلاح والدعم الناري الجيش التركي الغازي، انتظار انتهاء «المهلة» التي «منحها» أردوغان لدمشق لإنسحاب جيشها من المناطق التي حرّرها، بقدر ما بات ضرورياً التساؤل حول ما إذا كان بمقدور أردوغان إحداث تغيير او اختراق جدي في المشهد الجديد الذي فرضه الجيش السوري,بدعم وتصميم روسيّين لاشك في ما يستبطنانه من رسائل لأنقرة تقول: إن لعبة شراء الوقت التي مارستها بخبث قد انتهت, وأن عليها دفع ثمن العبث الذي بدأته بعد توقيع اتفاق سوتشي بين بوتين واردوغان في 17 أيلول 2018، والذي لم يُنفذّ منه حرفاً واحداً, وها أنتم -تقول موسكو لأنقرة- تُطالبون الآن وبعد هزيمة مشروعكم المُشترَك مع الإرهابيين بتنفيذه.

الاحتمالات مفتوحة على سيناريوهات متعددة, بعضها يمكن أن يتدحرج إلى مواجهات سورية/ تركية, نحسب أن أنقرة التي توغلت جحافلها في سورية, لن تكون قادرة على تحمّل أكلافها, في ظل أجواء سورية مُغلقة أمامها بحراسة روسية حثيثة ويقِظَة.

“الرأي”الأردنية