
التجدد الاخباري- قسم الترجمة الخاصة
بعد حالة الجدل ، الذي أثارته.. ننشر نص كلمة الرئيس الفرنسي “ايمانويل ماكرون” في حفل تأبين المعلم “صامويل باتي”
وقد أثارت كلمة الرئيس الفرنسي في جامعة السوربون يوم 21 تشرين أول – أكتوبر الجاري ، خلال حفل تأبين معلم التاريخ الفرنسي “صامويل باتي” ، الذي اغتيل يوم 16 من الشهر الحالي ، حالة من اللغط في أوساط مختلفة بالعالمين العربي والإسلامي، وبدا أن هناك تحريفًا متعمدًا للكلمة قد تم من قبل بعض التيارات.
ولذا نعيد هنا ، نشر (نص) ما قاله الرئيس الفرنسي خلال هذه المناسبة، “وفقا لترجمة خاصة بالموقع، اعدها “قسم الترجمة الخاصة.
\نص\ كلمة ماكرون
السيدات والسادة
هذا المساء ، لن أخصص كلمات لذكر النضال ضد الإسلام السياسي الراديكالي ، الذي يؤدي إلى الإرهاب، فلقد خصصت كلمات قبل ذلك لهذا. وقمت بتحديد اسم وهوية الشر، قررنا الأفعال والتدابير ، ثم شددناها ، وسنخوض هذا الطريق ، وننفذ هذه الإجراءات إلى نهايتها
هذا المساء ، لن أذكر موكب الإرهابيين والمتواطئين معهم ، والجبناء الذين ارتكبوا هذه الجريمة ، وجعلوها ممكنة٬ لن أتكلم عن الذين سلموا اسم “صامويل باتي” للبربرية ، فهم لا يستحقون هذا الشرف، هؤلاء لم يعد لهم اسم.
هذا المساء ، لن أتحدث أيضا عن الوحدة الضرورية ، وهي وحدة يشعر بها كل الفرنسيات والفرنسيين٬ هذه الوحدة ثمينة، وتفرض على كل المسؤولين واجب التعبير (عن فكرهم) بكلام مناسب ودقيق٬ والتصرف والفعل وفقا لمعايير رفيعة٬
كلا… هذا المساء ، أريد ذكر ابنكم وشقيقكم وعمكم وخالكم٬ الذي تحبونه٬ أريد ذكر زميلكم ومدرسكم٬ وقع ومات لأنه اختار مهنة التدريس٬ تم اغتياله لأنه قرر تعليم تلاميذه كيف يصبحون مواطنين٬ تعليمهم واجبات المواطن وكيفية تأديتها٬ تعليمهم الحريات لممارستها
هذا المساء ، أريد أن أذكر صامويل باتي٬ صامويل باتي كان يحب الكتب والمعرفة٬ كان يحبهما أكثر من أي شيء آخر٬ شقته كانت مكتبة٬ أجمل ما يهديه كتب تعلم٬ كان يحب الكتب لأنها تنقل لتلاميذه ولأصفيائه حب المعرفة وتذوق الحرية٬ باتي درس التاريخ في ليون وفكر لفترة في اختيار مهنة الباحث ولكنه فضل سلك الطريق الذي سلكه أهله٬ والداه مدرس وناظر مدرسة في مولان٬ وأصبح هو باحثا في علم التربية وكان يحب أن يقدم نفسه كذلك عندما أصبح مدرسا.
ولهذا لم يكن ممكنا اختيار مكان أنسب من السوربون (لتأبينه)٬ السوربون مركزنا للمعرفة العالمية منذ أكثر من ثمانية قرون٫ السوربون معقل الإنسانوية٬ هذا هو المكان المناسب لتتمكن الأمة من تأبينه وتحيته٬ صامويل باتي كان يعشق التدريس بشغف٬ وكان يجيده بامتياز٬ ومارسه في عدد من المدارس الثانوية ، آخرها” ليسيه كونفلان سانت هونورين”.
كلنا نحفظ في قلوبنا وذاكرتنا ، ذكرى وسيرة مدرس غير مجرى حياتنا٬ المدرس الذي علمنا القراءة والحساب والثقة في أنفسنا٬ مدرس لم يكتفِ بتعليمنا علمًا ، أو معرفة ، بل فتح أمامنا ولنا طريقا بواسطة كتاب أو نظرة أو احترامه لنا٬ صامويل باتي كان من هذا الطراز٬ كان منهم، طراز المدرسين الذين لا ننساهم٬ كان من المتحمسين القادرين على قضاء الليل في دراسة تاريخ الأديان ، ليتمكن من فهم تلاميذه ومعتقداتهم٬ كان من المتواضعين الذين يراجعون أنفسهم آلاف المرات٬ وفعلها وهو يحضر حصته عن حرية التعبير وعن الرأي وحرية الضمير والمعتقد ، وهي حصة حضرها منذ يوليو الماضي٬ في مولان بجواركم٬ وكان له شكوك عبر عنها لبعضكم ن لأنه كان يبغي الأحسن ، ولأن مشاعره كانت رقيقة.
صامويل باتي ، جسد في الواقع المدرس الذي حلم به جان جوريس.٬ في رسالة شهيرة له تمت قراءتها قبل كلمتي٬ مدرس يجمع بين الصرامة والصلابة ورقة المشاعر والحنان٬ مدرس يبين عظمة الفكر ويعلم الاحترام و ينمي الدراية بماهية الحضارة٬ مدرس حدد مهمته… تكوين جمهوريين.
تعود إلى آذاننا كصدى كلمات فردينان بويسون٬ كتب إن أردت صنع جمهوريا فعليك أخذ الإنسان مهما كان متواضعًا صغيرًا وتفهمه أن عليه التفكير بنفسه٬ تقنعه أنه ليس مدينا بتصديق وبطاعة أحد ولا بالإيمان (به وبكلامه) عليه هو البحث عن الحقيقة٬ يجب ألا يتلقاها جاهزة حاضرة من مدرس أو مدير ، أو قائد مهما كانوا. صناعة وتكوين جمهوريين…، هذه كانت معركة صامويل باتي.
هذه المهمة قد تبدو اليوم جبارة٬ لا سيما إن تغلب العنف والترهيب والاستسلام٬ ولكن ضرورتها وجدواها أكبر من أي وقت مضي٬ هنا في فرنسا نحب وطننا وجغرافيا أرضه ومناظر الطبيعة الخلابة فيه٬ نحب تاريخه وثقافته وتحولاته٬ نحب روحه وقلبه٬ ونريد أن ندرسهم لكل أبنائنا٬ نحن في فرنسا نحب المشروع المحلي والعالمي الذي تحمله الجمهورية٬ نحب النظام الجمهوري ووعوده٬ وهي وعود تتجدد يوميا٬ نعم٬ في كل مدرسة في كل ليسيه سنعيد تمكين المدرسين ليقوموا بتكوين جمهوريين٬ وسنعيد للمدرسين المكانة والسلطة التي هما من حقهم، سنقوم بتدريب المدرسين وسنحترمهم ونؤيدهم ونحميهم داخل المدرسة وخارجها٬ مهما طالت الفترة التي تتطلب هذا٬ البعض يمارس الضغوط لفرض الجهل المؤذي المطالب بالطاعة٬ هذا الجهل وهذه الطاعة له لا مكان لهما عندنا٬
أريد أن يكون لحياتي وموتي فائدة. قالها باتي مرة في يوم ما٬ وكأنه توقع وتنبأ٬ لماذا قُتِل صامويل؟ لماذا؟ ليلة الجمعة تصورت أن التفسير هو عشوائية الجنون٬ عبثية اعتباطية٬ ضحية إضافية للإرهاب الأعمى٬ فهو لم يكن الهدف الرئيس للإسلاميين (المتأسلمين)٬ لم يقم بنشاط غير التعليم٬ لم يكن عدو الدين الذي يوظفونه٬ كان قد قام بقراءة القرآن٬ كان يحترم تلاميذه أيا كانت معتقداتهم٬ كان مهتما بدراسة الحضارة الإسلامية٬ ولكن الحقيقة عكس ما تصورته٬ قتل صاموييل باتي لأنه كان كذلك٬ لأنه امتلك هذه الخصال٬ لأنه جسد الجمهورية التي تولد كل يوم مجددا في فصول المدارس٬ جسد الحرية التي ننقلها في المدرسة (من جيل إلى آخر) لتدوم أبد الآبدين٬ قتل صامويل باتي لأن الإسلاميين (المتأسلمين) يريدون مستقبلنا٬ ويعلمون أنه مع وجود أبطال مجهولين مثله لن يحصلوا عليه أبدا٬ هم يفرقون ويباعدون بين المؤمنين والكفار٬ صامويل باتي لم يكن يعرف إلا مواطنين لا يفرق بينهم.
هم يشبعون جهلا ، هو لا يؤمن إلا بالمعرفة٬ هم يزرعون وينمون كراهية الآخر ، هو يسعي إلى وجوه الآخرين وإلى اكتشاف كنوز التنوع وثرائه٬ صامويل باتي كان ضحية المؤامرة القاتلة ، التي جمعت بين الغباء والكذب والخلط المتعمد وكراهية الآخر٬ يكرهوننا ويكرهون ماهيتنا العميقة الوجودية الجوهرية،
أصبح صامويل باتي يوم الجمعة ، وجه الجمهورية٬ وجها لعزمنا على تحطيم الإرهابيين٬ وتحجيم الإسلاميين٬ (المتأسلمين) وعلى العيش في بلادنا كجماعة من المواطنين الأحرار. هو وجه لإصرارنا على الفهم وعلى التعلم وعلى الاستمرار في التعليم وعلى أن نكون أحرارًا.
أيها المدرس سنستمر. سندافع عن الحرية التي أجدت تعليمها٬ وسنرفع عاليا راية العلمانية٬ لن نتنازل عن الرسوم٬ والكاريكاتير٬ حتى لو تراجع غيرنا٬ سنعطي لكل الشباب كل الفرص التي تلتزم الجمهورية بتقديمها٬ دون أي تمييز٬
أيها المدرس سنستمر٬ مع كل المدرسين في فرنسا سنستمر في تعليم التاريخ٬ بصفحاته المجيدة وتقلباته٬ سنجعل الشباب يكتشف الأدب والموسيقي وكل مؤلفات الروح والقلب… سنحب يكل قوتنا الجدل والنقاش والحجج العاقلة ووسائل الإقناع الودية… سنحب العلوم والخلافات التي تشاهدها ساحاتها٬ سنزرع وننمي التسامح كما فعلت وكما تفعلون أيها المدرسون٬ مثلك ومثلكم سنحاول أن نفهم دون كلل ولا ملل وأن نتعمق في الفهم. يريدون منعنا من ذلك يريدون أن يبعدونا عن هذا٬ سنتعلم روح الفكاهة سنتعلم المسافة. سنذكر ونتذكر أن الحريات لا تصمد دون اختفاء الكراهية والعنف٬ لا تصمد إلا من خلال احترام الآخر.
سنستمر أيها المدرس… طوال حياتهم سيقوم المئات من تلاميذك باستخدام عقليتهم النقدية التي قمت بتعليمها٬ ربما يختار بعضهم مهنة المدرس ويقومون بدورهم بتكوين مواطنين شباب٬ ويحثون على حب الجمهورية وينجحون في هذا٬ وسيشرحون ويفهمون أمتنا وقيمنا ، وقارتنا أوروبا في سلسلة من الأزمنة لن تتوقف.
سنستمر٬ نعم سنستمر في هذه المعركة من أجل الحرية والعقل٬ أصبحت أيها المدرس وجههما٬ سنستمر أيها المدرس لأننا مدينون لك بهذا٬ ولأننا مدينون بهذا لأنفسنا٬ في فرنسا أيها المدرس لن تنطفئ الأنوار.
تحيا الجمهورية٬ تحيا فرنسا