العالم تحت وطأة كورونا واحد وموحّد ووحيد.
واحد من حيث الخطر والإصابة التي يسببها الوباء في كل الدول والمجتمعات وبالتالي واحد من حيث السلوك،
وموحّد من حيث الإجراءات التي تعزل كل فرد وعائلته. إنه تحت وطأة كورونا عالم منعزل ومعزول.
ولأنه منعزل وموحّد لأن جهاتٍ علمية رفيعة أصدرت أوامرها كيف نسلك ونعيش في مواجهته.
ووحيد لأن وحدة الفرد في هذه اللحظات هي وحدة العالم. لم يكن الأمر يوماً كذلك قبل كورونا.
جميعنا نتطلّع إلى الأمكنة السرية التي يقيم فيها العلماء ويجرون اختباراتهم كأنها معابد الكهنة الذين يملكون سلاح شفائنا. ونهجس أنهم سيصلون إلى علاج لأن كورونا بالنتيجة، كما أخبرونا جميعاً، ليس وباءً غريباً كليا إن من حيث العائلة أو العوارض. نسبة قليلة منا تغادر وستغادر الحياة ليعود الجنس البشري ويستعيد زمام أموره. هل هذا مرض ضد كل البشر أم ضد ضعفائهم جسديًا؟
لستُ أكيد أن هذا الوباء سيضعِف المعتقدات الميثولوجية حتى لو فرغت الكنائس والمساجد هذه الأيام. فالخوف محرِّك عظيم للميثولوجيا. وستولد أو تتجدد من جهةٍ ما في كهوف عزلة مليارات البشر إيمانيات لن يستطيع العلم، مخلِّصنا الوحيد، أن يمنعها.
1 – من هي الدولة التي سيخرج من مختبراتها الدواء لكورونا؟ دولة متقدمة طبعاً من نادي الدول إياها التي تدير العالم منذ ثلاثة قرون.
2- هذه التجربة العالمية لا سابق لها. فحتى الحرب العالمية الأولى والثانية لم تكن عالميةً كما هي الحرب الآن.
3 – يمكننا أن نتخيّل السباق الهائل غير المعلن والذي يدور في كواليس المختبرات الطبية في الدول المتقدمة لمن سيفوز في هذا السباق. وبما أنني أعيش في دولة من الدول التي لا موازنات أبحاث كبرى فيها أي موازنة أبحاث داخلة في أولويات الأمن الوطني كالموازنات العسكرية، أقصى ما يمكنني المراهنة عليه هو أن “نشتري” الأدوات الأفضل للوقاية كما نشتري السيارات والطائرات ومعظم المواد الاستهلاكية.
4- الجامعات والكثير من المدارس في العالم باتت تستخدم الأونلاين في التعليم. لا أعتقد أن ما يحدث على هذا الصعيد ستكون فيه عودة إلى الوراء. ربما حسم كورونا ما كانت المؤسسات التعليمية مترددة حياله. طبعاً هناك جامعات ومدارس في العالم باتت لديها خبرات كبيرة في التعليم “عن بُعد” قبل ظهور كورونا. لكن ليس صعباً التكهن أن الجامعات لن تكون هي إياها بعد تجربة كورونا ليس فقط من حيث خبرات الأجهزة التعليمية والطلاب، بل أيضا في بنية المناهج وأدواتها.
5 – سنرى كيف سيتعامل جشع السوق الرأسمالي مع جوانب كورونا الصحية أو الاقتصاديات الأخرى. لا نتصور طبعاً تغييرا نوعيا في قواعد السوق لكن سنرى منْ سيغيِّر منْ السوق أم كورونا. في تجارب التاريخ المعاصر انتصرت الرأسمالية باسم كل البشرية على الأوبئة… هذه فرصة جديدة لها في ظل الموازين العالمية ولو أنه سيكون لاكتشاف الصين، وهذا مجرد افتراض، أول دواء لكورونا تأثير كبير على الحضارة العالمية اليوم. الرأسمالية غيّرت الصين نحو الأفضل، هل ستغيِّر الصينُ الرأسمالية؟
“النهار”اللبنانية