aren

بيَدنا ولَيس بيَد الغَرْب.. سقطة كبيرة لمجلة (Lire، magazine littérature)! \\ كتابة : د.شيرين الملواني
الخميس - 16 - سبتمبر - 2021

أشهر المجلات الأدبية الفرنسية فى عددها الأخير المُعَنْون (بالمائة أديبة الأساسية)- عالميًا- أدرجت نموذجين فقط من العرب، هما شهرزاد أُم الحكاءات، والأندلسية فاطمة القُرطبية والتى لا يوجد من تراثها شىء مُدرج بالفعل ليومنا هذا، فى الوقت الذى عددت فيه المجلة الثقافية أسماء كاتبات من الصين واليابان وإيران وأوروبا والأمريكتين، وسواء كانت هذه السقطة سهوًا أو عمدًا فنحن لا نستطيع أن نلوم الغرب المُثقف على تجاهلنا، بل نلوم أنفسنا؛ فلن يتعرف ويعترف الغرب بكاتباتنا طالما لم يُكرّم النبي في أرضه!، فعلى الرغم مما حققته الكاتبات العربيات من نجاح واحتلال مؤلفاتهن رفوف المكتبات ، وازدياد عدد قرائهن.

إلا أن الفروق الهامة لا تزال حاضرة وبقوة مع الجزم بسيطرة الرجال على مجالات الكتابة بمختلف أنواعها؛ مما أدى لقولبة الإبداع في عالم ذكوري بَحت حتى إن الأمر امتد لشخوص الروايات التي هيمن عليها الرجال كأبطال وهُمشت فيها المرأة. ولا يختلف الواقع التهميشي عنه فى دور النشر والتوزيع، حيث يُعَد الباب الأكثر تحديًا للمرأة الكاتبة؛ تَبذُل لاختراقه مجهودًا أكبر من الرجل من أجل إثبات عملها الذي يحمل ذاتها وهويتها، بيد أن هذا المجهود يضيع ولا مردود له أمام وجود الآلاف من الكُتاب الرجال الذين يسعى الناشر لتقديمهم إعلاميًا ويتحمس لفرص ترشيح أعمالهم للجوائز، تلك الجوائز المرموقة فى العالم العربي والتي لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، والمحكومة بمعايير لجان التحكيم والذائقة الشخصية لكل عضو، حيث لا يُشترَط فى الأمر الإجماع بل تكفى النسبة الغالبة هنا لتتويج العمل.

ونأتي للنقطة الأهم ألا وهي لا تواصل مع الغرب بدون فتح قنوات اللغة معه أي مخاطبته بلغته، وهو ما يُعظم أثر الترجمة من أجل الانتشار العالمي، إلا أن عملية ترجمة أعمال الأديبات العربيات يقابلها العديد من العوائق؛ بدءًا من تصنيف الناشر والمراجع العربي للأدب النسوي كونه نُزهة غرائبية أو يوميات نسائية أو اجتهادا قلميا، إلى القائم بأعمال الترجمة للغرب والذي قولب النصوص المُترجمة للأدب النسائي في نصوص اجتماعية وأنثروبيولوچية تعكس واقع الإسلام والعالم العربي وترفع الغطاء عن عالم المرأة العربية الذي لا يستطيع الغرب ليومنا هذا تخيله؛ فتنصب أغلب الكتب النسائية المُترجَمة على اضطهاد المرأة الشرقية وعلى حريم الرجل، ولا يخفى علينا أمر هام ألا وهو عزف العديد من الكاتبات على هذا الوتر في كتاباتهن من أجل مُغازلة الغرب، فكتبن ما يؤكد نظرة الغرب الذي لا يحب إلا من يتملق قارئه، واستفضن فى شرح عالم الحريم وهن يعشن حيوات أبعد ما تكون عن الحرملك وينعمن بالحريات في بلادهن، ولكن الغرب يتلقف تلك الكتابات ويترجمها في لمح البصر حتى وإن نَدُرت.

ولا يختلف عالم النقاد فى ظلمه للقلم النسائي عن العوالم الأخرى، حيث إن أغلب النقاد هم نتاج عالم الكُتاب الذكوري، وسط نُدرة في الناقدات على الساحة؛ وبالتبعية هؤلاء النُقاد يعملون على إقصاء المرأة الكاتبة واصفين إبداعها بالسطحية، وليس أدل على ذلك من الهجوم الذي طالته رواية (سيدات القمر) لجوخة الحارثي ، والتي حصلت على جائزة مان بوكر الدولية البريطانية حيث علت حنجرة النقاد بجملتهم الشهيرة: (لا إبداع في كتابة امرأة مُحجبة!).

ليس الغرب بعادل فى تقييمه للأدب النسوى على أرضه وإلا بماذا نُفسر قيام ج.ك.رولنغ أكثر الكاتبات البريطانيات نجاحًا باستخدام اسم لا يشير إلى جنسها كى تتأكد أن كتابها (هارى بوتر) سيعجب الشباب!، وهو أيضًا لا يحمل ميزان العدل الصحيح في تقييمه للشرق ثقافيًا، بيد أن الظلم الأكبر واقع بالفعل من الشرق على أقلامة النسوية بدءًا من اعتبار إبداعهن سلعة، إلى ظُلم النقاد لهن، إلى تهميشهن في الجوائز، وأخيرًا في ترجمة فقط ما يخدم ويتملق الغرب. الإبداع لا يرتبط بجنس ولا يُقيد بجندرية تصنيف، عند تقديسنا تلك الجملة فقط؛ يمكن أن تنتبه المجلة الفرنسية في العدد القادم لمُبدعات العالم العربي!.

أستاذ الأدب بجامعة السوربون – باريس