aren

بيروت تعلمنا الفرق بين (الفساد) و(النزاهة) !! \\ بقلم : د.فؤاد شربجي
الخميس - 20 - أغسطس - 2020

wsed

يجمع الخبراء على أن اهراءات القمح ، وقفت في وجه الانفجار الذي وقع بمرفأ بيروت ، وبذلك حمت نصف العاصمة اللبنانية من التدمير ، الذي أصاب نصفها الآخر. وفي مقابلة مع المهندس ، الذي أشرف على بناء هذه الاهراءات ، فقد شرح كيفية بناء هذه الاهراءات من تعميق جذور أساساتها تحت الارض لأكثر من عشرين مترا ، الى الحرص على استخدام الكميات الكافية واللازمة من الحديد لتسليحها ، ومن الاسمنت الممتاز لخراسانتها ، وفحوى الحديث عن بناء هذه الاهراءات انها بنيت بواسطة نزاهة واضحة في تنفيذ البناء وفق المواصفات . هذه النزاهة اعطت بناء الاهراءات ، القوة القادرة على مواجهة الانفجار الهائل ، وصده عن نصف بيروت. النزاهة في بناء الاهراءات ، انقذت نصف بيروت من الدمار المؤكد بالانفجار.

مقابل النزاهة في بناء الاهراءات ، كان لدينا الاهمال والفشل في قضية قبول تخزين مواد شديدة الانفجار في الميناء . ليس من وظيفته  تخزين مثل هذه المتفجرات. الفساد لم يكتفي بتخزين المتفجرات ، بل تمادى في اهمال وجودها لسنوات وسنوات وسنوات ، دون ان يستشعر الخطر الكامن فيها على بيروت ، وحياة أهل بيروت ، ودون ان يتحرك أي احساس بضرورة حماية هذه العاصمة ، ومرفقها من احتمال انفجار هذه المواد المخزنة لفترات متطاولة ، دون ان يطالب بها أحد ، ودون ان يدفع رسوم تخزينها أحد.

انه الفساد ، الذي يبدأ بالاهمال ، ولاينتهي بالتواطؤ . من تسبب في تدمير نصف بيروت . انه الفساد ، الذي يفجر أحلى العواصم ، وأجمل الحواضر ، وأذكى المدن . انه الفساد الذي يقتل فن بيروت ، وابداعها ، وثقافتها بتفجير مرفئها بالاهمال ، أو التواطؤ ، أو التآمر ، أو الخيانة ، وكلها أخوات بعضها البعض.

هكذا ، نحن أمام أمرين متناقضين في انفجار مرفأ بيروت . فساد خائن ، يدمر نصف بيروت ، ويقتل ويجرح ويشرد أهلها وناسها ، ونزاهة وطنية تبني صرح الاهراءات، لتصون القمح ، وتدافع عن نصف بيروت الآخر ، وتحميه من الدمار نتيجة الانفجار .

نحن أمام أمرين متناقضين . فساد خائن يدمر ، ونزاهة وطنية تعمر وتحمي . فهل من درس أوضح وأبلغ . ألم نقل أن “بيروت” تعلمنا ؟!