التجدد – (خاص) مكتب بيروت
أكد مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون (ليل الثلاثاء) أمام مجلس الأمن الدولي ، قرب التوصل لاتفاق على تشكيل لجنة لصياغة دستور جديد لسوريا ، تمهد الطريق لحل سياسي ، في البلد الذي يعيش منذ عام 2011 ،صراعا مفتوحا.
وقال بيدرسون في تقديمه -وفق الخطة المعلنة سابقا- إحاطة إلى مجلس الأمن الدولي عن لقاءاته خلال الفترة الماضية، وحضوره لقاءات (آستانة 12): “نقترب من (التوصل) لاتفاق حول اللجنة الدستورية”. وبحسب خطة الأمم المتحدة.
ودعا بيدرسن في أعقاب التصعيد ،الذي تشهده أرياف (إدلب وحماة)، تركيا وروسيا إلى “مواصلة الالتزام بنظام وقف إطلاق النار، وكذلك تعزيز الدوريات في المنطقة، ونحن نعتبر هذا مهماً”. وأكد بيدرسن ،ان “هيئة تحرير الشام”، تقوم بتنفيذ هجمات على المواقع الحكومية، وكذلك على المدنيين، وأن “السلطات السورية تكتفي بالرد على هذه الهجمات في محافظة إدلب” ، وأضاف “هذا أدى إلى إصابة العديد من المدنيين، وكذلك الحاجة للمزيد من نزوح السكان”. كما،واعتبر بيدرسن أنه “مع ذلك، أعتقد أنه من المهم أن أذكر نفسي، أنه بعد اتفاق وقف إطلاق النار التي توصلت إليه تركيا وروسيا، أصبح الوضع أكثر استقرارًا نسبياً”.
من ناحية أخرى ،اتهم السفير الأمريكي بالوكالة لدى الأمم المتحدة (جوناثان) كوهين ،موسكو، بإعاقة جهود التوصل إلى حل، وقال إن «روسيا ومن تدعمهم يعرقلون العملية السياسية». في المقابل ،أكد السفير الروسي لدى الأمم المتحدة (فاسيلي) نبينزيا ، أنه «متفائل في التوصل سريعاً إلى حلّ» بشأن اللجنة الدستورية. وأضاف أنّ «الأوضاع تعود إلى طبيعتها في سوريا»، وأن «الأولوية الآن يجب أن تكون لإعادة الإعمار والمساعدات الإنسانية التي يجب أن تشمل الشعب بكل شرائحه».
في السياق نفسه، ينتظر أن يسافر المبعوث الأممي، (غير) بيدرسن، إلى جنيف للقاء ممثلي «المجموعة المصغّرة»، حيث يصل ممثلون عن كل من (روسيا -إيران -تركيا) إلى جنيف ، وذلك بناءً على دعوة من بيدرسن نفسه ، لاستكمال نقاشات الملف السوري ، ولا سيما تشكيل «اللجنة الدستورية».
وكان ممثل وزير الخارجية الأمريكي الخاص للتواصل في شأن سوريا، (جيمس) جيفري، قال في تصريحات صحفية عقب انتهاء جولة (آستانة12) ، إن بلاده تأمل في «طرح مجموعة أستانا… أفكاراً جديدة» خلال لقاءات جنيف، مضيفا إن «مسار أستانا لم يصل إلى نتيجة» منذ انطلاقه حتى اليوم.
وعن زيادرة مستوى التصعيد في “إدلب”، أشار جيفري إلى أن بلاده «تعارض أي تصعيد متهور من روسيا أو النظام» هناك، معتبرا أن «إشارة الجانب الروسي إلى عدم توقع هجوم هناك في المستقبل القريب… تعكس الضغط الكبير الذي يمارسه المجتمع الدولي عليه».
آستانة12 كـ(أول) اختبار لبيدرسون في الملف السوري
وكانت انطلقت جولة محادثات آستانة بين (الحكومة) و(المعارضة) السورية في شهر ابريل\نيسان الفائت، والتي اختتمت في اليوم الثاني على انطلاقتها، بمشاركة الدول الضامنة، (تركيا وروسيا وإيران) ، هي بمثابة (أول) اختبارلـ(بيدرسن) في الملف السوري ، بعد تسلمه المهمة من المبعوث السابق ، ستيفان “دي ميستورا”، في كانون الثاني \ يناير الماضي.

بيدرسون في كلمته أمام مجلس الأمن الدولي-30-أبريل-2019.-
فيما أكدت التصريحات التي خرجت في أعقاب اجتماع «أستانا» الأخير ، أن الدول الضامنة ، لا تزال تراهن على «تعزيز التعاون» لتطبيق «مذكرة التفاهم» الخاصة بإدلب، مع تجنّب إطلاق «عمل عسكري واسع» ، رغم الحشد اللوجستي بمحيط المدينة ، التي تسيطر عليها جماعات جهادية (هيئة تحرير الشام \ جبهة النصرة – سابقا) .
وكان أوضح ما خرج في هذا السياق، هو ماصدر عن الرئيس الروسي فلاديمير (بوتين)، في حديثه من الصين خلال زيارة له جمعته بالرئيس الصيني في العاصمة (بكين) ، حيث قال إن «هناك حاجة لمواصلة مكافحة الإرهابيين في إدلب… وإذا قاموا بأي هجمات فسنقوم بالرد عليها»، مضيفاً إن «تنفيذ أي عملية واسعة النطاق… لن يكون مستحسناً» من وجهة نظر دمشق وموسكو، بسبب «الانعكاسات المحتملة لتلك العملية على الصعيد الإنساني».
وبحسب عدد من المتابعين ، فان هذه المقاربة، تتيح الفرصة مجددا لـ(أنقرة)، وتمنحها وقتا إضافيا للوفاء بالتزاماتها وفق «اتفاق سوتشي»، كما تراعي اطار التعاون الناشئ ضمن صيغة «أستانا»، حيث تشارك طهران بدور فاعل في تيسير النقاش مع أنقرة ، حول مسائل مثل تفعيل «اتفاقية أضنة»، ومستقبل كامل الشمال السوري، و«اللجنة الدستورية».
من جهة أخرى ، واشنطن حليفة (تركيا) في الملف السوري ، تضغط باتجاه تكثيف جهود مسؤوليها من أجل اضعاف مسار «أستانا / سوتشي» واجهاض مفاعيله الممكنة ، في محاولة لنقل ملفاته المهمة إلى جنيف، حيث المحادثات المرعية (بشكل) أممي.
وعقب تأكيد بيان «أستانا 12» الختامي على «رفض كل المحاولات لفرض حقائق جديدة على أرض الواقع… بذريعة مكافحة الإرهاب، والوقوف ضد البرامج الانفصالية الهادفة إلى تقويض سيادة سوريا وسلامتها الإقليمية، والأمن القومي للدول المجاورة». لفت جيفري إلى أن قوات بلاده سوف تعمل على «انسحاب منسّق ومدروس… وستبقي قوات لفترة محددة»، فيما ستواصل «تشجيع الشركاء في التحالف الدولي على زيادة مشاركتهم» في مهمات «حفظ الأمن» في شمال شرق سوريا.
بالتوازي مع ذلك ، جاءت تصريحات القائد الجديد للقيادة المركزية الأمريكية، كينيث (ماكينزي)، الذي كشف في مقابلة تلفزيونية ، أن «خفض عدد القوات في سوريا سيتم بحذر». فيماتأتي تصريحات الأخير ،بموازاة جولة يجريها على عدد من الدول الحليفة لبلاده بالمنطقة، قال إنها تهدف إلى «التواصل مع الأصدقاء والحلفاء لضمان التوحد ضد التهديد الإيراني».
21 دولة حليفة لواشنطن ترفض طلبها إرسال قوات إلى سوريا
وكانت كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال”، أن إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، طلبت من 21 دولة حليفة (على الأقل) أن تبعث قوات ومعدات عسكرية إلى سوريا بذريعة التصدي لتنظيم “داعش”، لكن -حسب الصحيفة- طلب البيت الأبيض ، لم يلق القبول.
وأورد تقرير الصحيفة (وفق مصادرها) ،نقلا عن مسؤول أمريكي، أن ما يقارب النصف من الدول ، التي تلقت طلب واشنطن، أكدت رفضها الصريح، أما العواصم الأخرى المتبقية ، فوافقت على تقديم دعم محدود. وينوي الجيش الأمريكي ، سحب قواته من سوريا (بشكل كامل) بعد اندحار تنظيم داعش، في آذار\ مارس الماضي، لكن رفض الحلفاء إرسال قوات إلى سوريا، يضع عدة عراقيل أمام مهمة “البنتاغون”.
وترجح “مصادر التجدد” ان الولايات المتحدة ، تريد أن تحرز عدة نقاط (بعضها معلن) من خلال هذه القوة العسكرية الحليفة، فهي تطمح إلى إبقاء حصن منيع أمام عودة محتملة لعناصر داعش. وفي هدف ثان، تريد واشنطن أن تمنع تركيا من عبور حدودها الجنوبية إلى سوريا ، لأجل ملاحقة مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية – قسد ، الذين يحظون بدعم واشنطن ، فيما تعتبرهم أنقرة ، بمثابة أعداء. فيما يبقى الهدف (غير) المعلن من وراء هذا الطلب الامريكي، هو الاستعداد والتحضير اللوجستي لمواجهة قادمة مع (ايران وحلفائها) بالمنطقة .
وذكر مسؤولون أميركيون وأجانب، أن الإدارة الأميركية ، عقدت (اجتماعين رسميين) – على الأقل- لأجل حث الحلفاء على المساهمة في جهود عسكرية، (شمالي سوريا). وقدمت واشنطن ،قائمة تضم القدرات التي تحتاجها القوة العسكرية في شمال سوريا، وجرى أحد الاجتماعات ، في يناير\كانون الثاني الماضي، وضمت اللقاءات كلا من : “بريطانيا وفرنسا وألمانيا والدنمارك والنرويج وأستراليا وبلجيكا”.
وفي الشهر نفسه ، كانت الإدارة الأمريكية ، قد أعلنت قرار السحب الكامل ، لأكثر من (ألفي عنصر) مارينز من القوات الأمريكية، أما الجولة الثانية من الاجتماعات، فتمت في الربيع الجاري، وطلب مسؤولون مساعدة من 14 دولة. وتركزت طلبات الإدارة الأمريكية من حلفائها ، أن يبادروا إلى تقديم دعم من قبيل (المعدات والتدريب والأموال) لأجل الحفاظ على الاستقرار، ولم تحدد الطلبات ، عددا دقيقا للقوات المرغوبة. وأكد مسؤولون ، أنه ما من دولة حليفة لواشنطن ، إلا وتعرضت لضغوط كبيرة ،حتى تقدم مساعدة عسكرية في سوريا، لكن عددا قليلا من الحلفاء الغربيين (هم) الذين أكدوا استعدادهم لمواجهة داعش.
في غضون ذلك، فضل حلفاء آخرون لواشنطن ،أن ينتظروا ريثما تتجه السياسة الأمريكية في سوريا على المدى البعيد، في ظل التنافس الأمريكي مع كل من (روسيا وإيران) الحليفتين لحكومة دمشق. وبعدما أبدت رفضا صريحا للدعم العسكري، اقترح بعض الحلفاء الغربيين ،أن يساهموا بالمساعدات الإنسانية ،وجهود إعادة الاستقرار.
وعلى الرغم من خسارة “تنظيم داعش” لآخر معاقله على الأراضي السورية، يقول مسؤولون أميركيون إن التنظيم المتطرف ما زال يملك عشرات الملايين من الدولارات، إضافة إلى خلايا نائمة كثيرة (قد) تطمح مستقبلا إلى إعادة سيناريو “الخلافة” البائدة.