aren

بوتين و”تصفير العداد”\\ افتتاحية”الخليج”الاماراتية
الخميس - 12 - مارس - 2020

كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دعا في يناير (كانون الثاني ) الماضي إلى إجراء تعديلات دستورية تتضمن نصاً بأن تكون الفترة الرئاسية محددة بسنتين ولا يمكن تجديدها. يومها قيل إنه يسعى للتحضير لمرحلة ما بعد انتهاء ولايته الحالية عام 2024، مع الاحتفاظ بنفوذ داخل الكرملين، أو التمهيد لإرساء خلافته باختيار من يقود السفينة من بعده، على أن يظل مشرفاً على حركتها من وراء الستار.

الخليج

يوم أمس الأول، وفيما كان مجلس الدوما (البرلمان) يناقش التعديلات الدستورية المقترحة تمهيداً لطرحها في استفتاء شعبي يوم 22 إبريل (نيسان) المقبل، برزت مفاجأة تشير إلى نية التجديد لبوتين لولايتين أخريين بعد عام 2024، أي حتى العام 2036، وذلك عندما تقدمت النائبة فالنتينا تيريشكوفا (رائدة الفضاء السابقة عام 1963) باقتراح «تصفير عدّاد الرئاسة»، والبدء من جديد في عام 2024، بما يفسح في المجال أمام بوتين للترشح لولايتين جديدتين. وقد أقر أعضاء الدوما مقترح تيريشكوفا بأكثرية 382 صوتاً، مقابل امتناع 44 عن التصويت، ومن دون أي صوت معارض.

اللافت، أن بوتين حضر إلى مجلس الدوما بعد التعديل مباشرة، وألقى كلمة مفاجئة لم يتطرق فيها إلى جوهر الموضوع، لكنه أشار إلى إمكانية «تصفير العداد» شرط موافقة المجلس الدستوري، وإذا ما وافق المواطنون عليه خلال الاستفتاء. ثم أشار إلى ضرورة وجود «سلطة رئاسية قوية مطلقة في روسيا»، معتبراً أن «الاستقرار يجب أن يحظى بالأولوية»، وأنه يؤيد تقييد الفترة الرئاسية عندما تصبح البلاد «ناضجة» لذلك. وفي سياق التسويق لفكرته، قال بوتين إن الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت الذي شغل المنصب الرئاسي أربع فترات بسبب القلاقل التي كانت تمر بها بلاده «يعد مثالاً على ضرورة الاستمرار».ثم أكد أن روسيا ما زالت تتعافى من انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991.

من خلال تفسير مضمون كلامه، يبدو أن بوتين يعتبر أن وجوده في منصب الرئاسة بعد انتهاء فترة ولايته الحالية، ما زال ضروريا، طالما أن روسيا لم تتعاف بعد، وأنها لم تأخذ موقعها وسط الصراع الدولي المحموم على قيادة النظام الدولي، إضافة إلى التحديات السياسية والعسكرية التي تواجهها، والمصاعب الاقتصادية التي تعيشها.

بوتين الذي اعتلى السلطة قبل عشرين عاماً، قضى معظمها سيداً للكرملين، وأخرج روسيا من حالة الانهيار التي عاشتها في عهد بوريس يلتسين، ثم أعاد بناءها من جديد، ووضعها على خارطة العالم قوة مهابة، ما زال يخشى عليها، ويرى أنها ما زالت بحاجة إليه، رغم أنه استهلك خلال العشرين عاماً أربعة رؤساء أمريكيين، وخمسة رؤساء وزراء بريطانيين.

من المرجح على ضوء المستجدات الروسية، أن يتم تطويب بوتين قيصراً فعلياً لروسيا، على غير ما جرت العادة منذ ثورة لينين.