aren

بوتين.. عندما يَسخَر مِن «تَفوُّقِ» أميرِكا \\ كتابة : د.محمد خروب
الخميس - 28 - فبراير - 2019

 

بوتين

بوتين

ما تزال أصداء الخطاب «النارِيّ”, الذي ألقاه الرئيس الروسي بوتين أمام مُمثلي السلطة التشريعية بمجلسيها الإتحادي(الشيوخ) والنواب (الدوما) تتردَّد في الفضاءين الروسي/الداخلي والخارجي/الأطلسي الأوروبي.

إن لجهة الرسائل الحادّة التي انطوى عليها, وبخاصة على صعيد الأوضاع الداخلية الروسية, وخصوصاً اتّساع فجوة الفَقْر التي «تسحَق الناس”, كما وصَف حال 19 مليون شخص يعيشون تحت خط الفقر. مُعتبِراً ان ذلك «كثير» يجب عدم التسليم به أو الإبقاء عليه, وضرورة ان يستفيد الناس من تطوير الخدمات الطبية والاجتماعية والخدمية. أم على صعيد خارجي وبخاصة في شأن دعوته واشنطن للتخلّي عن «وَهْم التفوّق العسكري”, وأن عليها «حساب الأخطار قبل تنفيذ اي خطوة”, مُستعرِضاً في هدوء وتحدٍ لافِتين, أنواعاً جديدة من الصواريخ فرط الصوتِية, تُطاوِل القارة الأميركية».

وإذا كانت المُعضلة الديموغرافِية الخطيرة التي تواجِه روسيا قد استحوذت, كما الملفّات الإجتماعية والخدمية على جزء مهم من خطاب الاتحاد الذي يلقيه بوتين سنوياً. وبخاصة طرحه رُزمة حوافز واستثناءات ستُمنَح للعائلات كثيرة الأولاد, مُلَخِّصا اياها في معادلة ذات دلالة, طرَحَها قائلِاً: «عائِلة أكبر…ضرائِب أَقلّ”, فان الجزء الذي يتعلّق بما بات يُوصَف – وإن مُبكراً – بسباق تسلّح جديد وبوادر حرب باردة جديدة تلوحان بين واشنطن/حلف الاطلسي وموسكو، فإن نبرة السُخرية التي انطوَت عليها مفردات ومصطلحات خطاب بوتين, تفتح الطريق على قراءة مُختلِفة للقدرات العسكرية الروسية الجديدة, التي أعاد الرئيس الروسي التذكير بها بعد خطابه الشهير الذي ألقاه في الأول من آذار الماضي، ثم عاد ليؤكِّدها في حزيران من العام ذاته (2018), هي ان صواريخ «أفنغارد» فرط الصوتية, صارت قيد الانتاج وستدخل الخدمة عام 2019.

ولأن الشيء بالشيء يُذكَر, فان ردّ فعل حلف شمال الأطلسي/واشنطن، وقتذاك (اي عند اعلان بوتين عند وجود صواريخ افنغارد «الخنجَر» بالعربية فرط الصوتية), كانت ساخِرة وشكّكت بوجوده أصلاً معتبراً إيّاها «ضرباً من الخيال»، فان رد الفعل هذا بعد خطاب بوتين السنوي «هذه المرّة”, كان مختلفاً ولافتاً في الوقت نفسه حيث وصَف أمين عام الحلف الأطلسي «تهديدات» بوتين لواشنطن بأنها”غير مقبولَة”, مُضيفاً «اننا لا نريد سباق تسلّح مجدداً»، ما يعكس ضمن أمور أخرى, تسليماً أطلسياً/أميركيّاً بوجود أسلحة كهذه, كانت وصَفَتها وسائل إعلام غربِية بأنها» مُجرد أفلام كارتون روسِية”, ولا تعدو كونَها «خِدعة جديدة من الكرملين».

لهذا أيضاً ودائماً, كانت تعليقات الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا هي الأُخرى مُتهكِّمِة وساخِرة من رد الفعل الهستيري لحلف الأطلسي, على تلويح الروس باستهداف..ليس فقط «المناطِق التي ينطلق فيها التهديد الغربي لروسيا»، بل «وحيث ستتواجَد مراكز اتّخاذ قرارات توجيه مثل هذه التهديدات الصاروخِية..لبلاده».

قالت زاخاروفا بتهكّم لاذِع: «أعلَن الشركاء الغربيون قبل عام, أنه لا داعي للخوف من افلام الكارتون الروسية عن الأسلحة الجديدة، أما الآن فقد أدرَكوا انهم مُستهدَفون”,مُضيفة: هل ظنّوا أننا بصدد أخذ صورة «سِيلفي» معهم؟ بعد توسّع الناتو وخروج الولايات المتحدة من مُعاهدة الحدّ من الصواريخ, وزيادة القوات في أوروبا وتدخّل الغرب الجماعي المتواصِل في الشؤون الداخلية لدول ذات سيادة؟ والاكثر أهمية–استطرَدت – أن الطرَف الروسي ما فتِئ يؤكِّد ان هذه الردّ سيأتي كَرَد فعل على أفعال الشركاء العدوانية».

ثمة الكثير مما يستبطنه خطاب الرئيس الروسي, وبخاصة التأكيد على استعداد بلاده للرد على أي هجوم غربي لاستهدافها, بعد النجاح «النِسبي» الذي حقّقه حلف شمال الأطلسي/واشنطن بتطويق روسيا, ووصول قواته الى حدودها أو على تخومها، والجديد الروسِي ربما يُفيد بعض العرب,إن كان ثمة من بينهم من لديه الرغبة والقدرة, في الحفاظ على سيادة اوطانهم وحماية قرارهم المُستقِل (أَضِف..المزعوم), وبخاصة في مواجهة إسرائيل بما هي العدو الأول والتاريخي لكل العرب وربما كل المسلمين.. إذ قال بوتين: نحن مُستعِدّون لمحادثات حول ملفات نزع السلاح مع الولايات المتحدة, لكننا لن نقوم بطرق بابٍ مُغلَق.. لِننتَظِر – أضاف – بعض الوقت كي يَنضُج شركاؤنا, ويدركوا ضرورة الحوار العادِل والمُتساوي حول الأمر».

ليس لدى العرب أسلحة نووية أوصواريخ فرط صوتية، لكن ليس عَبر التطبيع المَجانِي والمُعلَن مع اسرائيل, تتحقّق السيادة والإستقرار وأمن النِظام والقرار المُستقّل,وخصوصاً درء خطر إيران المَزعوم أو المُبالَغ فيه…جِداً.

“الرأي ” الأردنية