aren

المواجهة بين روسيا والمملكة المتحدة في البحر الأسود تكشف عن حرب عالمية جديدة \\ كتابة : جيمس ستافريديس
الإثنين - 5 - يوليو - 2021

المرة الأخيرة التي كانت فيها روسيا والمملكة المتحدة على خلاف في البحر الأسود كانت خلال حرب القرم في منتصف القرن التاسع عشر، وهو الصراع الذي دام لـ3 سنوات، وتم خلاله استخدام التليجراف في القتال، ونقل القوات بالسكك الحديدية، فضلًا عن استخدام القذائف البحرية شديدة الانفجار.

ويبدو أن النزاعات الإقليمية التي أدت إلى نشوب حرب القرم سابقًا قد عادت من جديد إلى عناوين الأخبار، وذلك مع مواجهة الدولتين في المياه المتنازع عليها حول أوكرانيا، الأسبوع الماضي، بطريقة لا تزال تتكشف حتى الآن.

وقد بدأت المواجهة حينما مرت المدمرة البريطانية «ديفندر»، وهي واحدة من أحدث المدمرات في البحرية البريطانية، بين ميناءين على البحر الأسود في 23 يونيو الماضي، وكان طريقها يمر عبر المياه التي تدّعى روسيا أنها بحار إقليمية، بناءً على ضمها لشبه جزيرة القرم في عام 2014.

وزعمت موسكو أن إحدى سفنها الحربية أطلقت طلقات تحذيرية على المدمرة البريطانية، وأن طائرات روسية ألقت قنابل بالقرب منها، وهو ما نفته المملكة المتحدة، وقد كانت الواقعة بالقرب من ميناء سيفاستوبول، وهو ميناء وقاعدة بحرية قمت بزيارتها عدة مرات كقائد عسكري في منظمة حلف شمال الأطلسى (الناتو).

وأرى أن هذه الواقعة جديرة بالملاحظة بالنظر إلى الروايات المتضاربة، حيث قدم الروس تفاصيل تضمنت إسقاط أربع قنابل أمام المدمرة البريطانية بواسطة طائرة حربية إس يو-24، وإذا كان هذا صحيحًا، فمن اللافت للنظر أن روسيا كانت على استعداد لإطلاق النار، وإلقاء الذخائر بالقرب من سفينة حربية تابعة لعضو في الناتو.

ولكن يبدو أن البريطانيين قد تجاهلوا الأمر، حيث قال وزير الدفاع، بن والاس، ببساطة إن المدمرة «قامت بعبور روتينى من أوديسا باتجاه جورجيا عبر البحر الأسود»، ومع ذلك، فإنه وفقًا لتقارير الصحافة البريطانية، فإن حكومة المملكة المتحدة كانت تعلم أن مهمة ديفندر ستكون بمثابة استفزاز لروسيا، ولكن رئيس الوزراء بوريس جونسون شخصيًا وافق على مسارها.

وتدعم المملكة المتحدة (وبقية الدول الأعضاء في الناتو) موقف أوكرانيا بأن ضم روسيا عام 2014 لشبه جزيرة القرم كان انتهاكاً للقانون الدولي، وتواصل بريطانيا الاعتراف بالبحار الإقليمية قبالة شبه جزيرة القرم على أنها تابعة لأوكرانيا، وتصر على أنها كانت تمارس حق السفن الحربية في المرور بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، والتي وقعت عليها كل من روسيا والمملكة المتحدة وأوكرانيا.

وتقع هذه التفاصيل في قلب الصراع الناشئ في البحر الأسود الآن، والذي يبدو وكأنه نسخة حديثة من الحروب القصيرة بين الإمبراطوريتين البريطانية والروسية في القرن التاسع عشر.

وفي الواقع، فإن ما يهم في هذه الأزمة هو ليس البحر الأسود، بل المبدأ الأكبر لحرية المرور فى أعالى البحار، فقد سألتُ العديد من كبار الضباط البحريين (الأمريكيين والبريطانيين) عن هذا الحادث والإجراءات الأمريكية المماثلة في بحر الصين الجنوبى حول الجزر الاصطناعية العسكرية التي بنتها بكين، وكان هناك اجماعٌ على أننا سنشهد المزيد من هذه التحديات بين الحلفاء الغربيين والتحالف الاستبدادى المتزايد بين الصين وروسيا.

وترسل المملكة المتحدة أيضًا مجموعة حاملة طائرات هجومية قوية إلى غرب المحيط الهادئ، والتي ستنضم هناك إلى السفن الحربية من الولايات المتحدة وفرنسا وأستراليا وألمانيا، من بين دول أخرى، للمشاركة في دوريات حرية الملاحة، كما أنه من المحتمل أن تقوم المجموعة الرباعية، وهي تحالف يضم أستراليا والهند واليابان والولايات المتحدة، بالنظر فى مهام مماثلة، وقد تكون هناك أيضًا عمليات مشتركة من قبل الولايات المتحدة وحلفائها حول الجزر التي تطالب بها إيران في الخليج العربي، وربما بالقرب من الجزر المتنازع عليها بين اليابان والصين في بحر الصين الشرقي.

وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة قد ظلت بحماقة خارج معاهدة قانون البحار، فإنها لا تزال تلتزم بشكل أساسي بجميع أحكام هذه الوثيقة القوية والشاملة، التي تم التفاوض بشأنها فى أوائل الثمانينيات، وتضمن الحريات في أعالى البحار والتى يعتمد عليها الاقتصاد العالمى، ولذا فإن الدفاع عنها، سواء في البحر الأسود أو بحر الصين الجنوبي أو في أى مكان آخر، هو أمر جيد للنظام العالمى.

ولذا فإنه يبدو أن المدمرة البريطانية «ديفندر» (كلمة بالإنجليزية تعنى المُدافع) هي بالفعل سفينة حربية تحمل اسمًا جيدًا، وذلك لأنها كانت في مهمة للدفاع عن الحرية البحرية في اللعبة الجديدة الناشئة في البحر الأسود.

جنرال أمريكي متقاعد، القائد الأعلى السابق لحلف شمال الأطلسي

“المصري اليوم”