
التجدد الاخباري – (اعداد) مكتب بيروت
حياة رئيس وزراء بريطانيا، بوريس جونسون، مليئة بالكواليس المثيرة للجدل، بدءًا من عمله في الصحافة وعلاقاته النسائية المتعددة، فضلًا عن حديثه المتكرّر عن «ونستون تشرشل» ، رئيس وزراء المملكة المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، باعتباره مَثله الأعلى. كما تُمثل رحلة «جونسون» بين عوالم الصحافة والسياسة ، علامة استفهام كبيرة حول طبيعة ذلك الرجل، الذي كان طموحه واضحًا، منذ أن كان في الثالثة من عمره؛ بأن يصبح يومًا ما ، «مَلك العالم ولكن ،».

كيف تحوَّل «جونسون» من الشخص المتلعثم في برنامج ” لدي أخبار لك ” إلى عمدة لندن المنتصر ، وبعد ذلك لرئاسة وزراء بريطانيا؟
ولماذا كتب مقالتيْن لصحيفة الـ«تلغراف»، إحداهما لصالح الـ(بريكست)، والأخرى لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي؟.
ولماذا طغت أسرار العائلة على قصته في النهاية ، لتتصدر عناوين الصحف العالمية؟
في كتابه الجديد «المقامر.. بوريس جونسون» ، يكشف الصحفي الاستقصائي «توم باور» ، الكثير من الجوانب الغامضة في حياة رئيس وزراء بريطانيا؛ استنادًا إلى عدد كبير من المقابلات الصحفية والأبحاث؛ ليقدم الصورة الأعمق حتى الآن عن الطفل والصحفي والسياسي والعاشق «جونسون».

طموح قيادة العالم
يقدم «باور» كتابَه باعتباره دعوة إلى رؤية رئيس الوزراء على أنه نتاج حتمي لأب غير لائق أخلاقيّا، مشيرًا إلى أن سوء معاملة الأب «ستانلي» لوالدة جونسون «شارلوت»، هو السّر فى فهم شخصيته، بما في ذلك طموحه الكبير لـ قيادة العالم.
وتقول «شارلوت»، التي أصيبت في النهاية بانهيار عصبي عن ابنها: «اعتقدتُ في البداية أن طموحَه بأن يصبح مَلك العالم كان رغبة في جعل نفسه غير قابل للأذى وآمنًا بطريقة ما من الآلام.. لمَا شاهده من معاناة بيني وبين والده».. ومن الواضح أن زوجة «جونسون» الثانية «مارينا ويلر» تبنّت وجهة النظر نفسها: «خطايا والده كانت السبب في طموحه الكبير وعيش حياته بهذه الطريقة».

يوضّح «باور» الصورة بشكل أعمق، قائلًا في الصفحات الأولى من الكتاب: «الهجوم فى الصفحات التالية لا يستهدف الرجل الذي يظهر اسمه على الغلاف، بل يستهدف والده الشرير بالقدر الأكبر»، إذْ يظهر في الكتاب على أنه أبٌ غائبٌ وزوجٌ عنيفٌ، ضرب زوجته بشدة حتى كسَر أنفها.
يتناول الكتاب، السيرة الذاتية لـ«جونسون» كضحية للأحداث الأسَرية التي عايشها، ونتيجة لذلك انخرط في كثير من الوظائف، وفشل في معظمها، وأصبح طوال الوقت يبحث عن الأضواء للدرجة التي تجعله «يقايض ابنه مقابل الشهرة»، وتشير إحدى المقابلات الصحفية لموقفه المتهور فى الحياة، إذْ قال: «أنا ساحر.. يمكنني الحصول على كل شىء».

حب وخيانة
كان لآثار الخلاف بين والدَيْه تداعيات طويلة المدَى على «جونسون»، والعلاقات التى كان قادرًا على تكوينها مع كل من الرجال والنساء، إذْ تألّمَ بسبب مصير والدته.. في مستشفى الأمراض العقلية.. وأصبح غير قادر على الوثوق بالآخرين نتيجة لعنف والده.
ويرجع الكتاب علاقات «جونسون» النسائية الكثيرة إلى عدم الثقة في والده، الذي كان له علاقات متعددة، ما جعله غير قادر على تكوين صداقات وثيقة مع الرجال، لذلك سعى للبحث عن نساء كرفيقات له.
تحدَّث «باور» مع زوجات جونسون السابقات «أليجرا موستين» و«مارينا ويلر»، إذْ قالت زوجته الأولى «أليجرا»: «عندما تزوجنا، كانت هذه نهاية العلاقة بدلًا من البداية، وبعد إعلان انفصال جونسون وأليجرا في العام 1993م، كانت المرأة التي أصبحت زوجته الثانية «ويلر» تحمل طفلته «لارا» بالفعل، التي ولدتها بعد شهر من الزفاف.
ويشير الكتاب إلى أنه بعد علاقة غرامية مع الصحفية «بترونيلا وايت»، زميلة جونسون في مجلة «سبكتاتور»، سلّم مدخراته إلى زوجته «ويلر» كضمان لوعده بإنهاء تلك العلاقة.
وبمرور سنوات قليلة ، يبدو أن «جونسون» فقد حبه لــ«ويلر»، إذْ قال لشخص مقرّب، بحسب الكتاب، عن علاقته بها: «لم تعد امرأة مهتمة كثيرًا بعلاقة وثيقة أو محادثات حماسية، لم تعد هي الصديق الذي أحتاجه بدوام كامل من دون توجيه انتقادات».

وفي عام 2009م كان «جونسون» في علاقة غرامية مع تاجرة التحف الفنية «هيلين ماكنتاير»، رُغْمَ ظهوره في تلك الفترة مع زوجته «ويلر» أثناء تأبين والدها، وقال بعد ذلك لأحد المقربين إن الشعور بالوحدة والاكتئاب العميق، جعله في حاجة إلى الحديث مع شخص ، مثل «ماكنتاير».
بعد ذلك اكتشفت «ويلر» أن جونسون على علاقة قصيرة مع «آنا فازأكيرلي»، الصحفية السياسية بصحيفة (التايمز)، لكنها قررت تقبُّل اعتذاره من أجل أطفالها، إلا أنها علاقته الأولى مع «ماكنتاير» التي كانت نقطة النهاية في تقبلها لعلاقاته الغرامية؛ حيث طلبت منه الخروج من منزلها ، والذهاب للعيش في مكان آخر.. وكان جونسون يتسلل إلى المنزل عندما تكون بالخارج؛ لرؤية أطفاله.
تتعمق السيرة الذاتية أيضًا في علاقته المزعومة مع «جينيفر أركوري»، سيدة الأعمال ، التي اعتاد مرافقتها في رحلات عندما كان رئيسًا لبلدية “لندن”، إذْ يصف باور رسائل جونسون إليها ، أنها «عاطفية متهورة»، مشيرًا لرسالته النصية الأخيرة لها في 29 ديسمبر 2018م، بعد عامَيْن من اجتماعهما الأخير: «أفتقدك وأحتاجك».
ربما توضح الجملة التي قالها جونسون لأحد أصدقائه ، طريقة تفكيره في علاقته بالمرأة؛ حيث يذكر الكتابُ أنه بعد انتهاء إحدى علاقاته، قال لصديق له: «كان لجدي الأكبر أربع زوجات.. لا أفهم لماذا يجب أن أكون مخلصًا»!.

الصحفي بوريس جونسون
عندما كان «جونسون» ، مراسل صحيفة الـ(تلغراف) في بروكسل، قدّم حكايات كوميدية من الاتحاد الأوروبي عن بيروقراطيين، واعتقد زملاؤه أنه دجال وكاذب، يختلق القصص الصحفية من أجل الشهرة، لكن «باور» يقول إنهم كانوا «مجموعة من الموهوبين وبعد كل شىء، مَن يتذكر أيّا منهم؟. التاريخ يذكر جونسون فقط».. فيما يشير المدير التنفيذي لـ تلغراف «جيريمي ديديس»، إلى أن مراسله «ربما كان مبالغًا فيه، لكن كانت جميع تقاريره صحيحة».

على الجانب الآخر يرى “كوينتين ليتس”، الصحفي السابق بالتلغراف، أن جونسون لا يتمتع بالحسّ الصحفى في رصد الأحاديث الجانبية والمراوغات ، التي تصلح كقصص صحفية، مشيرًا إلى أنه لم ينقل أي شيء عن مشاجرة جورج (أوسبورن)، الاقتصادي البريطاني، عندما كان يرافقه في المصعد أثناء زيارة للصين، وهو ما يرجعه باور إلى نرجسية جونسون: «ليس مهتمّا بأي شخص آخر غير نفسه».
ويرى السياسي البريطاني “أوليفر ليتوين”، العضو السابق بالمحافظين، أن جونسون كان «خفيفًا سياسيّا.. ولم يكن ينتمي لأيديولوجية واضحة»، ما يجعله يتصرف بشكل متناقض فى الكثير من الأحيان، فيما يدلل «باور» على ذلك بموقف جونسون الذي ترأس حملة تحذر من أن تركيا تستعد للانضمام إلى الاتحاد الأوروبى، في حين أنه أنتج فيلمًا وثائقيّا في العام 2008م يدعو إلى انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، حتى بعد أن التزم بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي!.>