
(خاص)
التجدد الاخباري – مكتب (بيروت) +( واشنطن)
عاد ملف تفجير مرفأ بيروت إلى الواجهة مجددا، بعد إعلان المحقق العدلي في القضية القاضي “طارق بيطار”، اعتزامه استجواب رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان (دياب)، وطلبه رفع الحصانة عن مسؤولين سياسيين وأمنيين من الوزن الثقيل، تمهيدا لملاحقتهم قضائيا.
وتسبّب انفجار مروّع في الرابع من أغسطس الماضي، عزته السلطات إلى تخزين كميات هائلة من نيترات الأمونيوم بلا إجراءات وقاية، بمقتل أكثر من مئتي قتيل وإصابة أكثر من 6500 عدا عن تدمير أحياء عدة. وتبيّن أنّ مسؤولين على مستويات سياسية وأمنية وقضائية، كانوا على دراية بمخاطر تخزينها من دون أن يحركوا ساكناً.
وحدّد بيطار، وفق ما قال في تصريحات لعدد مقتضب من الصحافيين، موعداً لاستجواب دياب، من دون أن يفصح عنه، متبنياً بذلك ادعاء سلفه القاضي فادي صوان. كذلك أعلن أنّه وجّه كتاباً إلى البرلمان طلب فيه رفع الحصانة النيابية عن ثلاثة وزراء سابقين هم علي حسن خليل (المال)، وغازي زعيتر (الأشغال) ونهاد المشنوق (الداخلية) “تمهيداً للادعاء عليهم والشروع بملاحقتهم”.
والتهم التي سيلاحقون عليها هي “جناية القصد الاحتمالي لجريمة القتل” إضافة إلى “جنحة الإهمال والتقصير” لأنهم كانوا على دراية بوجود نيترات الأمونيوم “ولم يتخذوا إجراءات تجنّب البلد خطر الانفجار”. وطلب بيطار من نقابة المحامين في بيروت إعطاءه الإذن لملاحقة خليل وزعيتر كونهما محاميان، كما طلب إذناً مماثلاً من نقابة محامي طرابلس لملاحقة وزير الأشغال السابق يوسف (فنيانوس)، كمدع عليه في الجرائم نفسها.
وطلب أيضا الإذن من رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب للادّعاء على مدير عام أمن الدولة اللواء أنطوان صليبا، والإذن من وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال لملاحقة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم. وجرى تعيين بيطار في منصبه في فبراير-شباط الماضي، خلفاً لـ(صوان)، الذي جرت تنحيته بعد ادعائه في العاشر من ديسمبر على دياب وثلاثة من الوزراء المذكورين، في خطوة أثارت امتعاضاً سياسياً، ولم يمثل أي منهم أمامه.

وتقدم حينها “زعيتر وخليل”، المحسوبان على رئيس البرلمان وزعيم (حركة أمل)، نبيه بري، بمذكرة أمام النيابة العامة التمييزية طلبا فيها نقل الدعوى إلى قاض آخر. واتهما صوان بخرق الدستور بادعائه عليهما، من دون المرور بالبرلمان الذي يمنحهما حصانة دستورية.
وندد حقوقيون بعزل صوان، رغم ملاحظاتهم على أدائه، منتقدين وضع الطبقة السياسية “خطوطاً حمراء” لعمله. ولم يتضح بعد ما سيكون عليه موقف الطبقة السياسية من إجراءات بيطار، في وقت لم تصدر أي تعليقات رسمية بعد.
وأوضح بيطار لصحافيين الشهر الماضي، أن التحقيق “يسير على ثلاث فرضيات”، هي اندلاع حريق عن طريق الخطأ أو بشكل متعمد أو “الاستهداف الجوي”. لكن تقريراً تسلمه من محققين فرنسيين ساهم في استبعاد إحداها، قالت مصادر قضائية إنها الاستهداف الجوي.
وينظر التحقيق كذلك في تحديد كيفية وصول شحنة نيترات الأمونيوم إلى المرفأ ، وأسباب تركها مخزنة لسنوات. وفاقم انفجار مرفأ بيروت من الأزمة الاقتصادية والمالية، التي يتخبط فيها لبنان.

ووفق معلومات أوردتها صحيفة “النهار” اللبنانية من مصادر قضائية، فإنّ المحقق العدلي يتّجه إلى طلب الإذن من وزارة الدفاع لملاحقة القائد السابق للجيش “جان قهوجي”، ومدير سابق للمخابرات.
دعاوى الحق المدني تمنع السياسيين من التدخل في القضية
توازيا مع ذلك ، كشفت ” مصادر مطلعة” في العاصمة بيروت لـ(موقع التجدد الاخباري) ، ان ازمة انفجار مرفأ بيروت لا ارتباط بيهما وبين استقالة حكومة أومجلس نواب ، وأن هناك مسؤوليات اخرى يتحملها مسؤولون اخرون، اذ وفقا لقانون العقوبات اللبناني ، فان هذا الانفجار ، يعتبر”جريمة متمادية”، وبالتالي تجب محاسبة كل الذين تعاقبوا على الادارة والضالعين في هذه الـ“جريمة العصر”، سواء أكان مباشرة او غير مباشرة؟
وفقا للقانون ايضا، فان اي اشتباه بمخالفة، مهما كان نوعها، يعتبر إخبارا ، وعلى من وصلت اليه المعلومات ، اتخاذ الاجراء المناسب، والتقدم ببلاغ الى القضاء للتحقيق في الامر، اضافة الى ان القانون يفرض ايضا عدم تخزين اي مواد متفجرة، وحتى المفرقعات والالعاب النارية في المخازن العمومية، واي كمية تصادر منها ، تتولى قيادة الجيش تخزينها في المخازن العسكرية.
اضافة الى ذلك ، فان على الضابطة الجمركية ، المسؤولة عن مصادرة هذا النوع من المواد ، ابلاغ المراجع العليا المعنية فورا، خصوصا اذا كانت من نوع “نيترات الامونيوم”، اذا تعدت نسبة الازوت فيها (خمسة) في المئة، فاذا كانت اعلى من ذلك ، صنفت قانونا” انها مواد متفجرة” ، وتعامل وفقا لمعاملة المتفجرات، وتوضع في عهدة الجيش اللبناني، والكمية موضوع القضية نسبتها “33.7” في المئة، اي ممنوع قانونا تخزينها في مخازن ، ليست معدة لهذا النوع من المواد.
استنادا الى هذه الحقائق والوقائع، هل يمكن الاكتفاء بمحاسبة المسؤولين الحاليين،سواء أكانوا في الامن والجمارك والمرفأ، ام هناك مسؤوليات سياسية ايضا يتحملها مسؤولون كبار في الدولة؟
للاجابة عن هذا السؤال قال لـ“موقع التجدد”، مرجع قانوني لبناني، رفض الكشف عن هويته لحساسية القضية: “ان المسؤولية السياسية يتحملها كل من له علاقة بالسلطة، لان قضية من هذا النوع لا تعتبر مخالفة ادارية فقط، فوجود 2750 طنا من نيترات الامونيوم ونسبة الازوت فيها تبلغ 33.7 في المئة تعتبر مواد متفجرة، وهي تعادل 1300 طن من مادة “تي ان تي” المتفجرة، لا بد ان يكون قد ابلغ بها رئيس مجلس الدفاع الاعلى، وكذلك نائب رئيس المجلس والاعضاء، وهو ما يفرض اتخاذ اجراء سريع لمنع اي كان من سرقة هذه المواد واستخدامها باعمال ارهابية، او تخريب، ولذلك فان المفروض ان يتخذ مجلس القضاء الاعلى قرارا سريعا، ولا يترك الامر للقنوات المدنية، بل يتخذ الاجراء استنادا الى الخطورة التي تمثلها هذه الكمية”.
وقال:” اذا صدقت المعلومات عن ان الباخرة التي كانت تنقل هذه المادة، ووصلت اولا الى مرفأ صيدا في حزيران(يونيو) عام 2013، ولم تفرغ حمولتها فيه، او كما نشر في العام 2013 عن ان هناك باخرة محملة بنحو ثلاثة الاف طن من نيترات الامونيوم حاولت تفريغ حمولتها في مرفأ طرابلس، وقد ابلغ جهاز امني عربي الاجهزة الامنية اللبنانية، فان ذلك يعني ان الاجهزة المعنية كانت على علم بمحاولة لادخال كميات من هذا النوع الى لبنان، ولا بد انها نقلت المعلومات الى المراجع العليا، كما ان هناك شكا ان تكون ثمة سفن اخرى قد افرغت “نيترات امونيوم”، تحتوي على نسبة عالية من الازوت في المرافئ اللبنانية، وقد تجاهلت الاجهزة الامنية”.

اضاف:” ان التراتبية الوظيفية في مجلس الدفاع الاعلى ، تتوزع على النحو التالي:
رئيس الجمهورية رئيسا.
رئيس الوزراء نائبا للرئيس.
وزير الدفاع عضوا.
وزير الخارجية عضوا.
وزير المالية عضوا.
وزير الداخلية عضوا.
وزير الاقتصاد عضوا.
اضافة الى الامين العام للمجلس ، الذي يقوم بمهمات امانة السر، وهو عسكري.
ومن مسؤوليات المجلس المذكور ، وفقا للمرسوم الاشتراعي رقم 102 الصادر في16 /9/ 1983، يوزع المجلس الاعلى للدفاع المهام الدفاعية على الوزارات والاجهزة المعنية ، ويعطي التوجيهات والتعليمات اللازمة بشأنها ، ويتابع تنفيذها ، ويقر خطة العديد ، والتجهيز الموضوعة لهذه المهام”.
واوضح:” هذا يفرض على اعضاء المجلس الاطلاع على التقارير الامنية التي يرفعها اليهم يوميا الامين العام، وما يصله من الاجهزة الامنية كافة، بما فيها قيادة الجيش”.وقال:” اضافة الى هؤلاء فان الاجهزة القضائية ووزارة العدل تتحمل تبعات قانونية، لانها تجاهلت المراسلات وهي وفقا للقانون تعتبر إخبارا”. اضاف:” بمعنى ان الحكومات التي تعاقبت على السلطة منذ العام 2013 الى اليوم تتحمل المسؤوليات السياسية والجنائية والادارية والقضائية”.
وقال:” لذلك، وبناء على الواقع السياسي اللبناني منذ العام 1990 تاريخ بدء العمل بالدستور الجديد، وغياب الاطر الحقيقية للمحاسبة، فان الفوضى السائدة حاليا هي للهروب من تحمل المسؤوليات السياسية والجنائية والادارية والقضائية، واحالة القضية على المجلس العدلي ليس كافيا الا اذا كانت لدى المجلس قوة مواكبة منفصلة عن التوازنات السياسية الحالية، لذلك فان نقابة المحامين قدمت سلسلة من الدعاوى الى الجهات المختصة لمنع اي تمييع للقضية، وطمس الجريمة، وهروب المسؤولين عنها، او اعادة تعويمهم”.
واوضح” ان كل هذا لا يسقط الحق المدني للمتضررين، وحتى لا يجري اضعاف القضية لا بد لكل من تضرر ان يرفع دعوى ضد مجهول بالحق المدني امام القضاء العادي، فهذا اجراء يزيد من الضغط على السياسيين ويؤدي الى منعهم من التدخل في مسار التحقيقات والمحاكمات”. وقال:” ان المسؤولية ايضا تقع على عاتق اعضاء المجلس الاعلى للدفاع، وهي في شق منها جنائية، وليست فقط ادارية وسياسية، لانهم لم يتخذوا الاجراء المناسب لمنع وقوع الجريمة”.

استنادا الى ما تقدم من هم المسؤولون عن الجريمة.
المسؤولية السياسية:
1- رئيس الجمهورية، رئيس المجلس الاعلى للدفاع، وهما: ميشال سليمان، وحكومة تمام سلام مجتمعة بوصفها حكومة تصريف اعمال في فترة الفراغ الرئاسي، ورئيس الجمهورية الحالي ميشال عون. لان هؤلاء توالوا على السلطة من عام 2013 – حتى اليوم.
2- رئيس مجلس الوزراء، نائب رئيس المجلس الاعلى للدفاع، وهم على التوالي:
ا- نجيب ميقاتي، تمام سلام، سعد الحريري، حسان دياب، توالوا على السلطة من 2013 – حتى اليوم.
3- الوزراء، وفي هذا الامر هناك اختاصاصات توزع بين اكثر من وزارة، تبدأ من وزيارة الوصاية على ادارة المرفأ، اي الاشغال العامة والنقل، ووزارة المالية بسبب تابعية الجمارك لها، ووزارة الداخلية التي تتبع لها قوى الامن المكلفة حماية المرفأ، وزارة الدفاع المعنية بالاستخبارات العسكرية، وكذلك لوجود نقاط امنية عسكرية في الميناء، وفي الوضع الحالي فان وزارة العدل تتحمل مسؤولية ايضا لان هيئة القضايا تابعة لها.
4- اضافة الى كل هؤلاء هناك المسؤوليات الجنائية.
المسؤولون سياسيا
1- وزراء المالية: محمد الصفدي، علي حسن خليل.
2- وزراء الاشغال العامة والنقل: غازي العريضي، غازي زعيتر، يوسف فنيانوس.
3- وزراء الداخلية: مروان شربل، نهاد المشنوق، ريا الحسن.
4- وزراء الدفاع: فايز غصن، سمير مقبل، الياس ابوصعب.
5- وزراء العدل: شكيب قرطباوي، أشرف ريفي، سليم جريصاتي، ألبرت سرحان، ماري كلود نجم.
المسؤولون اداريا وجنائيا
1- رئيس مرفأ بيروت: حسن قريطم (منذ العام 1993 حتى اليوم)
2- المدير العام للجمارك: شفيق مرعي، بدري ضاهر.
المسؤولون امنيا
1- المدير العام للامن الداخلي: اشرف ريفي، ابراهيم بصبوص، عماد عثمان.
2- المدير العام لامن الدولة: جورج قرعة، طوني صليبا.
3- قائد الجيش: جان قهوجي، جوزاف عون.
4- مدير المخابرات في الجيش اللبناني: ادمون فاضل، انطوان منصور، انطوان سليمان، كميل ضاهر.
المسؤولية الجنائية المباشرة
هذه المسؤولية تعنى بالمسؤولين مباشرة عن ادارة الضابطة الجمركية في مرفأ بيروت
وهم اضافة الى الاسماء المعلنة (حاليا)، والتي يجري التحقيق معها، اي كل من: مصطفى فرشوخ، نايلا الحاج، فوزي البراكس، ميشال نحول، جورج ضاهر، هناك ايضا كل من:
1- ابراهيم شمس الدين 2- موسى مزيد
3- بيار الحاج 4- علي الحاج 5- ايمن ابراهيم
6- خضر الجمل 7- هاني الحاج شحادة
8- احمد الحلبي 9- محمود مسعود 10- حنا فارس 11- نعمة البراكس.

بناء على هذه الوقائع ، قال المرجع القانوني اللبناني:” تطبيقا للقانون رقم 84 تاريخ :26 /1991/08/( قانون العفو العام) فقد ورد في المادة الثانية” تسقط منحة العفو عن مرتكبي الجرائم المذكورة في هذه المادة اذا كانت من نوع الجرائم المتمادية او المتتابعة، واستمر مرتكبوها في ارتكابها او عاودوا ارتكاب مثلها بعد تاريخ العمل بهذا القانون وتستأنف الملاحقة عندئذ من النقطة التي توقفت عندها بمفعول العفو”.
وقال المرجع القانوني:” ان الجريمة موضوعنا الحالي تنطبق عليها هذه المادة، وبالتالي فإن بعد تحديد المسؤوليات السياسية والجنائية فالاحزاب التابع لها الوزراء والمسؤولون عن هذه الجريمة، تعتبر مخالفة للقانون، ويجب حلها، ومصادرة اموالها واملاكها”.