يخشى كثير من المراقبين ، أن يكون مايجري في العراق من الفوضى والاستعصاء السياسي ، نموذجا لما وصلت اليه استراتيجية الفوضى الخلاقة ، التي أشعلتها الادارة الامريكية ، بدءا من غزوها العراق ، واسقاط الدولة العراقية ، وأطلقت الطائفية المتناحرة ، وخلقت البيئة لنشوء ميليشيات طائفية على ارضية الغاء الجيش العراقي.
والخشية كل الخشية ، أن يكون ماخلفه الغزو الامريكي للعراق من بيئة خصبة للفساد والطائفية والعنف ، ومانتج عن كل ذلك من انهيار للحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في العراق.
الخشية ، ان يكون هذا النموذج ، هو ماتسعى الفوضى الخلاقة ، الى تعميمه على البلاد العربية الاساسية ، التي استهدفتها في المنطقة بـ”الرييع العربي” ، والذي استخدم مظالم الناس ليفتح الطريق امام الارهاب التكفيري ، الذي فعل مافعله من تدمير البنى التحتية ، ونهب الثروات ، وايقاظ النزعات الانفصالية ، وانعاش تعصبات دينية طامعة باستعادة سلطات غيبية.
واكملتها بعقوبات وحصار اقتصادي ، يعمق بؤس الحياة ، ويكرس انهاك العيش ، ويضعضع المؤسسات ليدفع الدولة نحو الفشل والانهيار ، لتحل محلها سلطة ميليشيات مسلحة ، او ميليشيات فساد اقتصادي ، تستثمر بالحال الذي تخلقه العقوبات ، ويوفره الانهيار ، ويقيمه العوز وضيق ذات اليد.
هكذا ، فان تجربة العراق ، توضح بشكل جلي ، ان اساس الفوضى الخلاقة ، اسقاط الدولة ، وانهاك المؤسسات ، واستبدال سلطة القانون بسلطة الميليشيات والتعصب الطائفي الظاهر والمستتر ، والفساد الناتج عن كل ذلك ، والخادم لكل مايؤدي الى ذلك.
واذا كانت استراتيجية الفوضى الخلاقة ، تهدف لاسقاط المجتمع والحياة باسقاط الدولة ، واحلال الطائفية المسلحة والفساد والعنف ، كقوة اذعان للجميع ، فلم يعد مجديا ان نردد ان مؤامرة الفوضى الخلاقة ، فشلت ، لاننا اذا تلفتنا في منطقتنا العربية ، سنفاجأ بدول عدة تنزلق الى الانهيار والانهاك ، وفق هذه الاستراتيجية.
المجدي المطلوب ، ان تعمل القوى الفعالة على دعم الدولة والمؤسسات ، واسقاط الفاسد والطائفية والميليشيات المتعصبة ، ولايجوز التهاون بأي من هذه الاهداف .