في مباحثات اللجنة الدستورية في جنيف ، لاحظت وجود توجيه موحد ومكرر في كلمات المتحدثين من وفد الحكومة ، تضمن الأمور التالية :
-١-اعتبار ان الوفد لا يمثل الحكومة ، بل هو فقط مدعوم منها !
-٢-ضرورة اعتماد دستور النظام ٢٠١٢ مع الاستعداد لمناقشة اي اقتراحات لتعديله .
-٣-المطالبة بنقل مفاوضات اللجنة الدستورية الى دمشق
-٤-التأكيد على دور الجيش ونسبة حماية سوريا وانتصاراتها اليه.
-٥-نسبة الخراب والتدمير والتهجير الى الإرهاب الذي تعريفه عندهم ، هو كل المعارضين .
-٦-المطالبة برحيل كل القوات الأجنبية التي دخلت دون موافقة النظام .!
٧–المطالبة برفع العقوبات الدولية على سوريا .!
-٨- ادانة التدخل التركي واعتبار المتطقة الآمنة اعتداء على سيادة سوريا .
في مناقشة هذه البنود :
حول الفرق بين (الممثل) و(المدعوم) :
لم افهم كيف يكون الوفد مدعوما من الحكومة ، ولا يمثلها . مع ان وثيقة تشكيل اللجنة الدستورية ، والتي أودعت مجلس الامن ، وصارت جزءا من القرار ٢٢٥٤ ، ورد فيها بالنص الحرفي عن الاتفاق : ( بين حكومة الجمهورية العربية السورية من جهة وبين هيئة التفاوض لقوى الثورة والمعارضة). ان التنصل من الاتفاق عبر الادعاء بان الوفد المفاوض مدعوم ، ولا يمثل الحكومة ، ينطوي على خفة سياسية ، ولا يستقيم في السياسة ، ومعيب ولا يبعث على الاحترام .
حول دستور النظام ٢٠١٢
ليس صحيحا ما ادعاه (وفد النظام) ، بان المعارضة لم تطلع على دستور ٢٠١٢ ،وإيجابياته ، خاصة في موضوع الحريات.وانا شخصيا في كتابي “سورية والتحدي الدستوري”، أفردت بحثا خاصا عن اعتراضاتنا على دستور النظام في أهم (٣٠) مادة منه ، ووضع بتصرف أعضاء اللجنة ، منذ فترة سابقة.
نحن لا نريد دستورا رئاسيا ، يتحول الى ديكتاتورية وراثية ، واجمعنا على دستور برلماني مختلط ، وهو برلماني ، ولكن الرئيس بدلا من ان يكون مجرد رمز في البرلماني ، يصبح في المختلط ، شريكا لمجلس الوزراء في السلطة التنفيذية ، لذلك فان البحث في دستور النظام ، قد يحدث ، ولكن الأوضاع ، تتجه نحو وضع دستور جديد ، يراعي المخزون الدستوري السوري ، والتجارب.
حول نقل المفاوضات الى دمشق
أولا ،هذا يخالف القرار الدولي ،الذي اعتمد مكان التفاوض في جنيف ،فلذلك سيكون تحقيق ذلك مبكرا ، ويمكن اذا نجح التفاوض ، ان يتم التوقيع عليه في دمشق ، برعاية دولية.
حول دور الجيش
في كل كلمات الوفد الحكومي ، تكرار. بان الجيش السوري ، هو وراء الانتصار العظيم ، والذي انقذ سوريا من الإرهابين ، والذين انشقوا عنه خونة وعملاء ..!
أولا ، ليس من الإنصاف وللتاريخ ، إهمال دور البعض ، في ممارسات لا مبرر لها ، وربما تشبه وحشية الإرهابين ، الذين نسبوا أنفسهم للمعارضة زورا ..! ، وإلا من كان يدمر المدن والقرى ، عشوائيا بحجة وجود إعداد من المقاتلين لا يعادلون واحد من الف من عدد المدنين. كما ليس من الإنصاف ، عدم ذكر ، ان الروس ، الذين حصدوا الأخضر واليابس ، ومهدوا الطريق للجيش ، ان يدعوا لأنفسهم شرف التحرير ، أو النصر..! . نحن أقصى ما طالبنا به ، هو المحافظة عليه ، واعادة هيكلته ، ومنع السياسة فيه ، وإصلاحه ، حرصا عليه من الفساد ، ومن استغلال قوته ضد الشعب.
حول الإرهاب والخلاف على من يقع ضمنه !
اكد وفد المعارضة ، انه يعتبر جماعة “داعش والقاعدة والنصرة وتحرير الشام” ارهابية، وأنه قاتلها، وقاتلته في حين هذه المنظمات ، لم تقاتل (النظام). وفد المعارضة ، اشار ان (الجيش الحر) ، كله من السورين الذين انشقوا عن الحكومة، وقاتلتهم الدولة و(داعش) وغيرها.
حول ترحيل كل القوات الأجنبية
ترحيل كل القوات الاجنبية والميليشيات التابعة لها دون اي استثناء ، وان إعطاء المشروعية لتدخل الروس والإيرانيين ، بحجة ان “النظام” صاحب السيادة ، هو امر لا يحقق الشرعية ، لانه في حالة الحرب ، تصبح السيادة ملتبسة ، وغير حقيقة ، ولا يبنى عليها ، خاصة اذا ترافقت مع اقتطاع قواعد ومرافئ ومطارات لها ، وبنظر المعارضة ، هي (احتلال) .
حول رفع العقوبات الدولية عن النظام
وفد المعارضة، يرى ان العقوبات، يجب ان لا تستهدف الشعب وتؤذيه، ويجب ان تكون ضد الحرامية ، وإلا كانت عقابا مضافا على الشعب ، وهو امر مرفوض.
حول التدخل التركي
لم يكن هناك توافق داخل وفد المعارضةً على ادانة التدخل التركي ، بعضهم اعتبره غزوا يخفي مطامع تاريخية ، وبعضهم اعتبره ضروريا لوقف إطلاق النار وحماية المدنين واعادة بعض المهجرين الى المنطقة الآمنة. وفد النظام ، هاجم وندد بالتدخل التركي ، وأنه بخفي أطماعا توسعية ويتعارض مع السيادة. اعتقد ان تنديد وفد الحكومة بالتدخل التركي ، صار سياسيا متعارضا مع تصريح الاسد ، بانه جيد ، ويحقق الاستقرار، وهو مؤقت…!
هذا هو الوضع ، بعضهم متفائل بامكانية الوصول الى حل وسطي ، وبعضهم على العكس ! ، ماذا لو فشلت المفاوضات ؟ سيكون الامر صعبا في الطريق الى دمشق ، وقد يطفو على السطح ، مشروع “المجلس العسكري”، بديلا.
وهذا هو السؤال.
جنيف ١-١١-٢٠١٩
هذه المقالة تعبر عن رأي صاحبها