aren

السوريون يدققون : لماذا التجديد لـ(عرنوس) ؟! \\ بقلم : د. فؤاد شربجي
الإثنين - 2 - أغسطس - 2021

في طبيعة الحكم السوري ، يقوم مجلس الوزراء بادارة الاجراءات التنفيذية ، المتعلقة بالشؤون الاقتصادية والخدمية والمعاشية للشعب ، وذلك وفق التوجهات التي يرسمها الرئيس ، وبسبب قوة وخطورة وصعوبة الأوضاع المعاشية والاقتصادية والخدمية ، التي يعيشها السوريون ، نتيجة ما أفرزته الحرب من حصار غربي ، وعقوبات اقتصادية ، وفساد المتاجرين بحاجات الناس ، والمستثمرين للعقوبات ، اضافة الى ضعف اداء بعض الكوارد في المفاصل الهامة.

ومع تنامي قوة وخطورة المصاعب المعيشية ، فان الشعب يدقق في التكليف الحكومي ، وسيدقق في معاني أسماء الوزراء ، التي ستعتمد . وكل السوريين يسألون : لماذا ؟ ومامعنى التجديد للمهندس “حسين عرنوس” بتشكيل الوزارة الجديدة ؟

وفق النظرة السورية الحضارية ، فان الاولوية المطلقة لضمان استمرار سورية والسوريين، هي أولوية ذات وجهين :

الاول ، استكمال السيادة على جميع أنحاء الارض السورية ، وتحريرها من المحتلين.

الثاني ، ايجاد مخارج لتحرير أنفاس السوريين ، ورفع الايدي الخانقة عن رقبة المعاش السوري ، ليستعيد السوريون تنفسهم ، ويسترجعون قوتهم الحياتية.

وتحمل الحكومة الجديدة ، مسؤولية كبيرة في انجاح تنفيذ وجهي هذه الاولوية. خاصة وانها مكلفة في تأمين التنفس الطبيعي لمعاش وعمل وانتاج السوريين ، وهذا ماينتظره السوريون من الحكومة الجديدة ، ويتساءلون عن جديدها في اجتراح الانجازات ، وتحقيق المطلوب ولو تدريجيا.

الرسالة الاولى ، التي يحملها تكليف المهندس (عرنوس)، تؤكد استمرار النهج الذي اتبعته الدولة منذ بداية الحرب ، وهو النهج الذي جرى تطويره منذ عدة سنوات ، وأكثر من مرة ردد الرئيس “بشار الاسد” ، ان الاجراءات التي كان يوجه بها ، بدأت منذ سنوات ، مثل : محاربة الفساد – اعادة تدوير عجلة الانتاج – اعتماد الطاقة البديلة …الخ… ، مايؤكد فكرة ومعنى ، استمرار النهج المعتمد.

ويرى متابع لنهج الدولة السورية ، أن القيادة مصرة على نهجها ، لاستكمال التحرير ، وايجاد الحلول لرفع المعاناة المعاشية عن السوريين. والقيادة تتمسك بنهجها هذا ، دون التلهي او الانشغال بمسار سياسي ، وطروحات سياسية دولية ، ترى “دمشق” ان الوقائع تجاوزتها ، وأن قضيتي (التحرير ومعاش الناس) ، هما وجهي الاولوية الضرورية لبقاء سورية ، وهذه الاولوية ، هي فوق السياسة ، وفوق الصراع السياسي ، ولايجوز أن تكون هذه الاولوية ، موضع خلاف أو صراع ، بل يجب أن تجتمع جهود الجميع لتحقيقها ، لانه من العار استخدام أي محتل أجنبي ، أو حصار اقتصادي ، لتحقيق مكاسب سياسية على حساب سيادة واستقلال البلاد ، وعلى حساب لقمة عيش المواطن.

وحسب المتابع ، فان القيادة السورية ، ترى أن اولويتها بوجهيها ، تفرض عليها التركيز نحوها ، لما لقضيتي (التحرير ومعاش الناس) من أهمية ومسؤولية ، وواجب واطني .

لاينتظر السوريون ، أن يكون لدى (حكومة عرنوس) الجديدة ، عصا سحرية ، تحل كل المشاكل بضربة واحدة ، بل ينتظرون منه ، ومن حكومته العتيدة ، أن تكون أكثر كفاءة من حكومته المستقيلة ، وأكثر احساسا بمشاكل الناس ، وأكثر واقعية في تطبيق الحلول ، وأكثر رأفة ورحمة في تحصيل الضرائب والرسوم ، خاصة من الطبقات الفقيرة ، وأكثر فهما لدور الطبقة الوسطى والاعمال المتوسطة والصغيرة ، وأكثر نزاهة ليس لجهة حفظ المال العام ، فقط ، بل في حفظ مصالح الشعب ، وتحصين مصلحة الدولة ، وأكثر استيعابا لحضارة هذا الشعب العريق ، واحترام توقه الثقافي ، وتطلعه للارتقاء الشامل ، ….و…الخ ….

ودون أن نغفل ماقامت به الحكومة المستقيلة ، فان عمل الحكومة العتيدة ، ان تفهم جيدا ، بان الازمة المعاشية لا يستطيع حلها وزراء بليدين ، أو غير أكْفاء ، أو غير مبادرين أو نزيهين. كما أنها أزمة خانقة ، تحتاج لعقل حكومي مبدع ، ومبتكر ، وتحتاج لأخلاق حكومية ، تعد الفشل (خيانة) ، والتقصير (عمالة).

وحسب متابع لنهج الحكم في سورية ، فان أكثر ماتحتاجه (حكومة عرنوس) العتيدة ، هو فهم معنى الخطاب ، الذي وجهه الرئيس الاسد للشعب في خطاب القسم ، خاصة عندما وصفه بـ”شعب الشرفاء” والثوار المنتصرين والصامدين الاقوياء ، والمتمسكين بحقوقهم وكرامتهم وعزتهم ، تمسكهم بوطنهم.

فهل سيترجم (عرنوس) هذه المعاني في اختبار وزرائه ؟ وهل سيحقق معهم أولوية سورية الضرورية بوجهيها “التحرير ورفع المعانة المعاشية عن السوريين”، أم ستبقى حكومة – كالعادة- موضوع انتقاد الشعب لتقصيرها ، وعدم احساسها بمعاناته ، وعجزها عن حل مشاكله المعاشية ؟ وهل سنرى حكومة تستحق ، ان نقول لها : ( يعطيكي العافية )؟!