aren

«الدستورية السورية» والحلقـــة المفـــرغــــة \\ كتابة : افتتاحية الخليج
الإثنين - 7 - ديسمبر - 2020

لأن الحل السياسي لم ينضج بعد، ولأن الخيار العسكري ما زال مطروحاً على الطاولة، ولأن تركيا والولايات المتحدة وأطرافاً إقليمية ودولية ما زالت تراهن على وجودها العسكري على الأراضي السورية، وعلى استخدام المنظمات الإرهابية المسلحة التي تعمل في خدمتها كوسيلة لتحقيق مكاسب سياسية، لكل ذلك، فإن اجتماع اللجنة الدستورية السورية المصغرة في جنيف مؤخراً انتهى كما بدأ، من دون تحقيق أي تقدم يذكر، ما استدعى ممثل الأمم المتحدة جير بيدرسون لأن يدعو إلى اجتماع خامس أواخر الشهر الحالي لبحث المبادئ الأساسية للدستور الذي سيشكل في حال إنجازه هوية النظام وشكله في مرحلة ما بعد الحرب.

 أربع جولات من الاجتماعات، والخامسة على الطريق لهذه اللجنة التي تضم ممثلين للحكومة والمعارضة والمجتمع المدني التي أنيط بها وضع دستور سوري جديد، أو تعديل الدستور الحالي، وفقاً لمخرجات مؤتمر سوتشي عام 2018، وعلى أساس أن يشكل خطوة مهمة على طريق الحل السياسي الشامل الذي يستند إلى بيان جنيف وقرار مجلس الأمن رقم 2254. لكن ما يجري حتى الآن هو أن هذه اللجنة ليس في مقدورها أن تبدأ عملها الجدي، لأن قرارها ليس بيدها إنما في مكان آخر، حيث لكل طرف ارتباطاته وأجندته وشروطه التي لم تصل إلى نقطة اتفاق بعد على أن الحل السياسي مستحيل، وأنه لا مناص من الحل السياسي في نهاية المطاف.

 لقد اتضح ذلك خلال انعقاد الجولة الرابعة عندما طرح الوفد الحكومي مسألة عودة اللاجئين السوريين كمقدمة لخلق حالة من الثقة بين الوفود، وعلى اعتبار أن عودة اللاجئين تمثل حالة إنسانية ووطنية تهم ملايين السوريين في الخارج الذين تقطعت بهم السبل ويواجهون ظروفاً حياتية صعبة خارج وطنهم، وتشكل «مبدأ وطنياً جامعاً لما له من أهمية على مختلف الصعد»، إلا أن وفد المعارضة اعتبر هذه الدعوة خارج إطار مهمة اللجنة الدستورية، ومرتبطة بالحل الشامل، والسبب في هذا الموقف السلبي من بحث عودة اللاجئين أن هناك دولاً ما زالت تستخدمهم على أرضها كورقة للمساومة والابتزاز السياسيين، كما هو حال تركيا في مواجهة أوروبا كلما ساءت العلاقات بينهما.

 ما بين الجولة الأولى والجولة الرابعة أكثر من عام، بينما العد التنازلي للانتخابات الرئاسية السورية يقترب من الموعد المقرر بعد حوالى خمسة أشهر، وهو لا يكفي لتحقيق أي انجاز دستوري، ما يعني أن الانتخابات الرئاسية ستتم وفقاً للدستور الحالي، خصوصاً أن مهمة اللجنة الدستورية غير مرتبطة بتوقيت زمني محدد، وهو ما أكده بيترسون من أن «اللجنة الدستورية لا زمن لها»، وبهذا المعنى فإن عملها غير مرتبط بالانتخابات الرئاسية المقبلة في إبريل(نيسان) المقبل.

 مسألة شراء الوقت، هي عنوان عمل اللجنة الدستورية التي ستظل تدور في حلقة مفرغة طالما أن الحل السياسي لم ينضج بعد.

افتتاحية “الخليج” الاماراتية