aren

الدراما التلفزيونية في رمضان … تطالب بحقوقها كـ”صناعة ابداعية” \\ بقلم : د. فؤاد شربجي
الإثنين - 27 - أبريل - 2020

ooooo

لم يكن ينقص الدراما التلفزيونية الا (كورونا) ، حيث انضم الفيروس الخبيث الى عوامل خبيثة ، موجودة أصلا ، وتعمل على عرقلة الانتاج، أو تسخيف المضامين، أو دسم السم بالابداع الدرامي . ورغم كل ذلك ، استمر الانتاج ، وهناك بعض الاعمال ، جرى انجازها لتعرض على شاشات رمضان.

شهر”رمضان” ، يشكل مناسبة ، ومهرجانا للدراما التلفزيونية العربية. ومع بداية الشهر ، للدراما برقبتنا أن نقف على حال صناعتها ، وظروف انتاجها ، ومضامين محتواها ، وأشكال ابداعها ، لانها الثقافة الاوسع انشارا ، مما يؤهلها لتكون الثقافة الشعبية ، الاكثر تأثيرا . لذلك سنقف على أحوالها.

الدراما التلفزيونية السورية ، شكلت مادة ثقافية فنية ابداعية ، مطلوبة بالحاح لدى الجمهور العربي ، وبالتالي ، باتت الدراما التلفزيونية ، صاحبة امتياز على الشاشة العربية ، وهذا الحضور الذي اسس له النجم العربي “دريد لحام” عبر تعيمم اللهجة الشامية ، والذي طوره وعمقه ، مبدعو الدراما التلفزيونية السورية في تسعينيات القرن الماضي ، عبر أعمال رائدة ، فنيا وفكريا ، لفت نظر المشاهد العربي ، وجذبت الذائقة العربية بقوة ، وباتت بذلك ، مؤثرة عربيا ، وصارت حاملة للابداع السوري ، والفكر العربي السوري للعالم العربي ، الذي اعجب بها.

090913567888

دريد لحام

الجانب الآخر لهذا الفن الابداعي ، هو الصناعة ، حيث أن انتاجها وتسويقها ، هو صناعة ، توظف فيها رؤوس أموال ، واردات ، وعاملين في التسويق ، وأيضا مسوقين. أعطت هذه الصناعة ، مردودا ماليا ، وربحا ماديا ، وعائدا اقتصاديا كبيرا، ووصلت بذلك الى مرتبة الصناعة ، المنتجة والمتميزة والرابحة. انها صناعة ابداعية مميزة بسوريتها.

هذه الصناعة الابداعية ، الحاملة للفكر والفن والضمير السوري ، كيف جرى التعامل معها ؟ وهل جرى العناية بها ؟ وهل تم توفير شرط تطورها وتناميها ، فنيا، فكريا ، ابداعيا ، وصناعيا ؟

رغم الاحتفال بها ، وتحلقها واستضافة نجومها في السهرات والحفلات الجماهيرية ، ورغم ان بعض كبار المسؤولين ، قربوا نجومها للسلطة وبريقها ، الا ان الاهتمام بهذا الفن ، كصناعة ابداعية ، لم يجر بمايحقق الغاية منه ، في حمايتها وتطويرها وتجويدها ، ومنذا البداية ، عوملت كصناعة (المعكرونة) او كتجارة (الاجهزة الكهربائية) ، وجرى تنظيمها بطريقة بيروقراطية ، مهمتها جباية الرسوم ، أو رقابتها رقابة سياسية.

وهكذا ، وبدلا من رعاية هذه الصناعة ودعمها ، جرى ارهاقها بالبيروقراطية ، أو الجباية ، وتركت لتواجه جميع مصاعبها الاخرى ، من تمويل وانتاج وتطوير وتسويق ، وحدها . أو ترك كل منتج أو شركة انتاج ، ليواجه أو تواجه ، مشاكلها ومصاعبها ، وتبحث عن حلول على مقاسها ، وكل هذا يشد هذه الصناعة الابداعية للوراء ، ويصعب تقدمها ، تطورها ، وتميزها.

ان صناعة الدراما التلفزيونية ، كصناعة ابداعية ، ولكونها تتمتع بامكانية الاختراق الاقتصادي والثقافي للاسواق العربية ، ولتمتعها باحتمالية التطور والتنوع ، بمايجعلها أكثر رواجا وجاذبية وتأثيرا ، ولتوفر الطاقات الابداعية اللازمة لانتاجها ، من كتاب مبدعون ، ومخرجون متمرسون وممثلون نجوم ، وفنيون مهرة ، أي اننا أمام صناعة ابداعية مربحة في مرحلة الكمون.

427215-e1370533436827

تحتاج “هذه الصناعة ” من الدولة اولا ، ان تتعامل معها كصناعة ابداعية ، وان توفر لها التنظيم والرعاية ، الابداعيان المتوافقان مع طبيعتها ، لا ان يلحقوها بهذا الموظف او ذلك ، ولا ان يتركوها لهذا الممول الجاهل ، أو المتمول المستهتر.

انها صناعة استراتيجية ، لانها تحمل وتنشر الايديولوجيا السورية ، ولانها ذراعا من اذرع القوة الناعمة السورية ، ولانها تحقق مردودا اقتصاديا معقولا ، ولان مرودها الفكري ، والايديولوجي لا يقدر بثمن. لكل ذلك ، يجب على الدولة التعامل معها ، تعاملا يليق بالابداع ، ويتناسب مع القوة الابداعية بتنظيم عملها ، وفق اطر ثقافية ابداعية ، وباختيار مسؤولين عنها ، مبدعين وقادرين على احترامها وتطويرها وحمايتها ، لان (التافهين) ، و(الاغبياء) ، و(السمسارة) يطيحون بأكبر صناعة. مع شهر رمضان ، ومع تقديرنا لكل عمل درامي ، استطاع مواجهة ظروف كورونا بعد تحملها لكل صعوبات الانتاج ، ومع مانعيشه من مواجهة الفيروس ، وبسبب الحجر الصحي ، تتبدى أهمية وضرورة وجود انتاج درامي تلفزيوني بمرتبة من الجودة الفنية ، والفكرية العالية.

وبسبب كل ذلك ، نطالب باحياء ، وبعث هذه الصناعة ، باسلوب ابداعي ، ونقول لكل من انتج عملا ، وحقق عملا لرمضان ، يعطيكم العافية ، ولابد ان تجد الدراما من يقدرها ، ومن يدعمها .