aren

بشكل مفاجىء وظرف غامض : الحكومة الروسية تقدم استقالتها… وبوتين يرشح رئيس دائرة الضرائب (خلفا) لـ”مدفيديف” المستقيل
الخميس - 16 - يناير - 2020

19_379703_highres

“بوتين” و “مدفيديف”

التجدد الاخباري – بيروت

“بشكل مفاجئ” وفي “ظروف غامضة” ، وبعد خطاب بوتين عن وضع الأمة، قدم رئيس الوزراء الروسي (ديمتري) مدفيديف، استقالة حكومته. وبحسب ما أعلن الكرملين بعد استقالة الحكومة ، فقد اقترح الرئيس الروسي (فلاديمير) بوتين الأربعاء (15 كانون الثاني/ يناير 2020) ، رئيس دائرة الضرائب (ميخائيل ميشوستين)، لتولي منصب رئيس الوزراء. وجاء في بيان صادر عن الرئاسة ، أن بوتين “طرح ترشيح ميشوستين على الدوما”، مجلس النواب الروسي ، الذي يتعين عليه المصادقة على التعيين.

وتأتي تسمية المسؤول المجهول من العامة في روسيا ، بعيد الإعلان المفاجئ عن استقالة رئيس الوزراء ديمتري مدفيديف المعين في منصبه ، منذ حوالي ثماني سنوات، في أعقاب خطاب لبوتين دعا فيه إلى تعديل الدستور. وسبق أن عين الرئيس الروسي خلال ولايتيه على رأس الحكومة بين 2000 و2008 ، مسؤولين غير معروفين، مثل ميخائيل فرادكوف عام 2004 ، الذي كان في ذلك الحين ، سفيرا لدى الاتحاد الأوروبي.

ويتولى (ميشوستين)، رئاسة الجهاز الفدرالي للضرائب ، منذ العام 2010 ، ويعرف عنه ، أنه موظف يعمل بفاعلية ، وشددت شبكة “روسيا 24” العامة على أنه أقام “أفضل نظام لجباية الضرائب في العالم” ، ولم يدل ميشوستين بأي تصريح في الوقت الحاضر، لكن الكرملين نشر صورا له في خلوة مع بوتين. ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن مسؤولين بالمجلس الأدنى في البرلمان الروسي (الدوما) ، قولهم إن المجلس سيتخذ قراره ، اليوم الخميس ، بشأن ما إذا كان سيصادق على اختيار رئيس هيئة الضرائب الاتحادية (ميخائيل) ميشوستين ، رئيسا للوزراء ، من عدمه.

يشار إلى أن الحكومة الروسية ، استقالت في إعلان مفاجئ (الأربعاء) بعد أن اقترح الرئيس فلاديمير بوتين ، تعديل الدستور في خطاب حالة الأمة السنوي، وجاء الاعلان على لسان رئيس الوزراء ديمتري مدفيديف بعد أن انتهز الرئيس خطاب حالة الأمة للدعوة إلى استفتاء عام حول مجموعة من الاصلاحات الدستورية. وتثير الاستقالة ، اسئلة حول شكل النظام السياسي في روسيا ، ومستقبل بوتين ، المقرر أن يستقيل في نهاية ولايته الرئاسية الرابعة في 2024. وبعد ساعات من كلمة الرئيس، ظهر (بوتين ومدفيديف) جنبا الى جنب على التلفزيون العام ، ليعلنا استقالة الحكومة ، وقال مدفيديف إن الاقتراحات الدستورية ، ستحدث تغيرات كبيرة في ميزان القوة في البلاد ، ولذلك فإن “الحكومة في شكلها الحالي قد استقالت”.

وتنص التغييرات ، التي اقترحها بوتين على نقل مزيد من السلطات إلى البرلمان ، بما في ذلك السلطة لاختيار رئيس الوزراء ، وأعضاء بارزين آخرين في الحكومة، بدلا من أن يقوم الرئيس بذلك ، كما هي الحال في النظام الحالي، كما تنص التغيرات على تعزيز دور حكام المناطق، وتشديد شروط الاقامة للمرشحين للرئاسة.

202011522424653DD

الرئيس “فلاديمير بوتين” و “ميخائيل ميشوستين”

ووفق العديد من القراءات لماجاء في خطاب بوتين (الاربعاء) ، فثمة تساؤلات تطرح ، حول الحقبة التي تتحضر روسيا لها ما بعد بوتين ، وتشير تلك الملاحظات الى انه يمكن القول ، بان روسيا دخلت امس في حقبة سياسية جديدة، بدأت من خلال اعلان الرئيس فلاديمير بوتين ، عن اصلاح دستوري ، يتم من خلال توزيع الصلاحيات، وعلى الفور وفي خطوة مكملة لخطاب بوتين امام البرلمان والنخب السياسية، قدم رئيس الوزراء ديمتري (مدفيديف)، استقالة حكومته ، قائلا: «نحن بوصفنا حكومة روسيا الاتحادية، علينا ان نوفر لرئيس بلادنا الوسائل لاتخاذ كل التدابير المطلوبة. لهذا السبب (…) تستقيل الحكومة بتشكيلتها الحالية».

واوضح مدفيديف ،المقرب جدا من بوتين ، انه استقال اثر قرار الرئيس اجراء «تغييرات اساسية في الدستور» الروسي، معتبرا أنها اصلاحات ، ستغير «توازن السلطات» التنفيذية والتشريعية والقضائية.

واقترح بوتين امس ، سلسلة اصلاحات للدستور الروسي من شأنها تعزيز سلطات البرلمان مع الحفاظ على الطابع الرئاسي للنظام السياسي ، الذي يقوده منذ عشرين عاما ، ويهدف الاجراء الرئيسي المعلن إلى تعزيز دور البرلمان في تأليف الحكومة عبر منحه صلاحية انتخاب رئيس الوزراء، ما يجعل الرئيس «مرغما على تعيينه»، علما بان مجلس النواب ، يصادق حاليا على اختيار الرئيس، واثار ما اعلنه بوتين في خطابه، تساؤلات حول مستقبله السياسي ، ما بعد عام 2024 ، حين تنتهي ولايته. علما ، بانه لم يسم البتة ، خلفا له ، ولم يعلن نياته المستقبلية. واعلن بوتين ، أنه عرض على مدفيديف ، منصب “نائب رئيس مجلس الامن الروسي”، الذي يترأسه رئيس الدولة.

متابعون يرون ان التعديلات الدستورية ، التي اعلن عنها الرئيس بوتين ، تعني انه سيتخلى عن جزء من الصلاحيات الكثيرة التي يمتلكها الرئيس، وانه وفق الاقتراحات ، «سيتم توزيع تلك الصلاحيات بين اجهزة الدولة الاخرى مثل مجلس الدوما ومجلس الاتحاد والمحكمة الدستورية».

ويشير هؤلاء الى ان «الرئيس بوتين لن يستطيع الترشح لولاية رئاسية جديدة عام 2024 لاسباب دستورية، ولذلك كان الكل يسأل في روسيا ما الذي سيحدث قبل هذا التاريخ؟ ، وسرت اشاعات بأنه سيتم تغيير الدستور بما يسمح لبوتين بالترشح لدورة جديدة،كما تم الحديث عن ان الرئيس، سيستقيل ، ولكن ما شاهدناه اليوم ، أن الرئيس بوتين اعلن عن تغييرات دستورية ، وتوزيع صلاحيات بين اجهزة الدولة من اجل اقامة نوع من التوازن في القوى السياسية الروسية».

وتتمتع روسيا بنظام حكم جمهوري، وتنقسم السلطات فيها إلى تنفيذية وقضائية وتشريعية، ويعتبر الرئيس القائد الأعلى للجيش والقوات المسلحة، ويقرر العقيدة العسكرية للدولة، أما صلاحياته ، فتتمثل في تشكيل مؤسسات السلطة الفيدرالية.

ويحق للرئيس ، حل مجلس الدوما والحكومة، ويحدد توجهات السياسة الداخلية والخارجية، ويقرر الاستفتاء ويقدم مشاريع قوانين لمجلس الدوما، كما يقرر العفو، ويرشح رئيس الحكومة ونواب ووزراء السيادة للحصول على ثقة مجلس الدوما، ويرشح حكام الأقاليم والجمهوريات والمقاطعات للحصول على ثقة البرلمانات المحلية.

وكانت مدة حكم الرئيس أربع سنوات قبل أن يتم تعديل الدستور ، لتصبح ست سنوات وذلك ابتداء من عام 2012، ويعد رئيس الوزراء ثاني شخصية في البلاد، يرشحه الرئيس لنيل الثقة في البرلمان، يليه رئيس المجلس الاتحادي، فرئيس مجلس الدوما. وخلال السنوات الماضية حدث تبادل في المقاعد بين “بوتين وميدفيديف”، الذي ترأس الدولة مرة بعد فترتين لبوتين، بينما تولى بوتين رئاسة الوزراء ، ليتمكن بعدها من العودة إلى الرئاسة.

ويرى محللون سياسيون للشأن الروسي ، ان «استقالة مدفيديف جاءت في هذا الاطار، والان السؤال الذي يطرح في موسكو عما اذا كان رئيس الحكومة الجديد (مدير مصلحة الضرائب الفدرالية ميخائيل ميشوستين الذي رشحه بوتين للمنصب)، هو من سيترشح لرئاسيات 2024 ، ام انه سيقوم بتدريب الشخصية التي ستترشح لتلك الانتخابات». ووفق هؤلاء المحللون ، سنشاهد بعض التغيرات الدستورية في الفترة المقبلة ، وكل ذلك لأن الرئيس بوتين لا يستطيع الترشح بعد 4 سنوات، وهو الشخص الذي يحظى بشعبية كبيرة، حيث استطاع ان يعيد روسيا الى الساحة الدولية وينقذها من المشاكل الاقتصادية التي حدثت في تسعينيات القرن الماضي. ومن هذا المنطلق ، يتحدث العديد في المجتمع الروسي عن انه لا يوجد شخص معين يمكن ان يكون بديلا لبوتين».

ويرى الرئيس الروسي ، ان الطبقة السياسية الروسية ، باتت مستعدة لمثل هذا التغيير، الذي ربما سيوصف في المستقبل على انه تغيير جذري في الحياة السياسية ، لكن البعض يجادل بان الرئيس بوتين ، وهو الرجل الاقوى في روسيا ، لن يتخلى بسهولة عن السلطة ، وبأن ما يحصل يأتي في اطار التكتيكات ، التي يتبعها بوتين بين الفينة والاخرى من اجل الايحاء بأن الدماء تجري في شرايين الحياة السياسية، فيما هو يفكر بالطريقة التي تسمح له بالاستمرارية بالحكم ، وان بطريقة غير مباشرة بعد عام 2024.