(خاص – حصري)
التجدد الاخباري – مكتب بيروت
بينما لم تثر تسمية “سعد الحريري” ، رئيسا مكلفا ، تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة ، أي موقف لافت، ركزت ردود فعل (واشنطن) و(الأمم المتحدة) على ضرورة أن تنفذ أي حكومة، الإصلاحات المطلوبة.
وفي الثامن من تشرين الأول/أكتوبر، كان أعلن الحريري، أنه مرشح حكماً لرئاسة الحكومة ضمن ثوابت المبادرة الفرنسية، بعد مرور عاما على ذهابه تحت ضغط الشارع ، الذي دفع به إلى الاستقالة. فكيف عاد من جديد ليتصدر المشهد السياسي في لبنان؟ لتثير عودته ،”رئيساً للحكومة”، التساؤل : حول ما يمكن أن يقدمه الرجل من جديد ، لم يقدمه سابقا ؟

مصادر (خاصة) لـ”التجدد” ، كشفت ان من سمى (الحريري) ، هو الرئيس الفرنسي “ايمانويل ماكرون”، الذي عمل بداية على اقناعه بقبول هذه المهمة الصعبة بعد اعتذار الرئيس المكلف السابق (مصطفى) اديب ، وتعثر المبادرة الفرنسية في مرحلتها الاولى.
وتضيف المصادر ، كما عمل “ماكرون” على تعبيد الطريق للحريري مع عواصم دولية واقليمية معنية بالوضع في لبنان ، وأمن له ما يشبه الضمانة من اجل الاستمرار في مهمة العودة الى رئاسة الحكومة.
المصادر (ذاتها)، كشفت للتجدد : ان الاتصالات الفرنسية ، شملت أيضا اطرافا داخلية لبنانية من اجل حصول الاستشارات النيابية ، وعدم تأجيلها من جديد تحت اي عنوان . دون ان تنفي هذه المصادر، ان (الحريري) ذاته ، راغب وبقوة في العودة الى الرئاسة الثالثة.
تلك كانت أجوبة ، على أسئلة وتساؤلات عديدة ، طفت الى سطح النقاش ، بعيد اقدام الحريري على ترشيح نفسه ، و”علنا” ، معتبرا انه المرشح الطبيعي للتكليف ، كونه الاقوى على مستوى التمثيل السني . فهل من ضوء اخضر خارجي ، دفع الحريري الى العودة لطرح نفسه ، وبقوة أكبر هذه المرة ؟
“الحريري عائد ” بدعم خفي غير مسبوق
وفيما يتوقع ان يكون لقاء “عون والحريري”في بعبدا (اليوم) حاسما لجهة ، عدد أعضاء الحكومة وتوزيع الحقائب بموازة ان الجميع متفق على أن يكون الوزراء (اختصاصيين) و(غير حزبيين). فقد انهى رئيس الحكومة المكلف (الحريري)، استشاراته النيابية غير الملزمة، ومن المرتقب ان ينطلق قطار التشكيل ، الذي أعرب الحريري عن امله في ان لا يتجاوز الايام العشرة.
متابعون يرون ، انه إذا نجح الحريري في مهمته هذه ، يكون حقق انجازا غير مسبوق منذ العام 2005 بتشكيل حكومة، كان يأخذ تشكيلها أسابيع وأشهر عدة، امتدت مع حكومة الرئيس (تمام سلام) الى أحدى عشر شهرا.
الحريري، وللمرة الاولى، يكلف تشكيل الحكومة بأغلبية ضعيفة ، بعد ان انفرط عقد تحالف قوى الرابع عشر من آذار، وبعد ان خسر أكثر من عشرة نواب من كتلته النيابية ، ومن المستقلين ، الذين كانوا يتحالفون معه في كتلة “لبنان اولا“.
يشار هنا ، الى ان أبرز الذين امتنعوا عن تسمية الحريري، كانت كتلة “القوات اللبنانية”، بحجة ان الحريري لن يستطيع تشكيل “حكومة مهمة“، من اختصاصيين مستقلين، وانه سيرضخ في النهاية لشروط الثنائي الشيعي ، وسوف يعطي الثنائي ، احقية تسمية الوزراء الشيعة، خصوصا ، وزارة المالية ، وانه ايضا سيعطي (وليد جنبلاط)، احقية تسمية الوزير، او الوزراء الدروز، في حين انه هو من سيسمي الوزراء المسيحيين، وسائر ممثلي الطوائف في مجلس الوزراء، علما ان حزب القوات اللبنانية ، كان اعلن عن انه لن يشارك في اي حكومة.

جعجع : اعطوني الرئاسة
وفي هذا الاطار ، تكشف “جهات متابعة” للتطورات المستجدة على هذا الصعيد، ان ذريعة القوات اللبنانية، بتحفظها على تسمية الحريري، تعود لاسباب لا علاقة لها (البتة) بشكل الحكومة، ولا بتسمية وزرائها، بل لتباين في وجهات النظر بين رئيس القوات “سمير جعجع”، والرئيس “سعد الحريري”.
حيث يشترط جعجع على الحريري ، ان بتبنى ترشيحه لرئاسة الجمهورية، خلفا للرئيس الحالي ميشال عون، وان يمتنع عن القيام باي « تسوية رئاسية »، وان يمتنع الحريري ايضا عن الاتصال باي جهة مسيحية، الا عبر حزب القوات اللبنانية!
وبغض النظر عن مواقف الحريري ، تجاه شروط جعجع ، المكبلة للرئيس المكلف ، إلا أن الجميع يدرك في لبنان، وكذلك الجهات الدولية والاقليمية المعنية بهذا البلد ، ان كرسي بعبدا الرئاسي، لا يمكن حسمه من اليوم، اي قبل (زهاء سنتين ونيف) على نهاية عهد الرئيس الحالي الجنرال “ميشال عون”، كما ان جعجع لا يستطيع تقييد الحريري ، وتكبيل حركته تجاه باقي التشكيلات ، والمكونات المسيحية الاخرى.
أما لجهة الحديث القواتي، ان الحل من الازمة الراهنة، يكمن في الانتخابات النيابية المبكرة، فان تلك جهات مقربة من(الحريري) ، ترد بان هناك استحالة اليوم لانتخابات نيابية مبكرة. عدا عن ان الحريري نفسه، يريد تغيير القانون الحالي، الذي افقده (ثلث) كتلته النيابية، ويعتبره مخالفا لنص اتفاق الطائف وروحه، في حين يصر جعجع على اعتماد القانون الحالي، وفي حسابات القوات، ان هذا القانون الإنتخابي، سيعطيه اغلبية نيابية مسيحية ، تسمح له بالوصول الى كرسي الرئاسة.

“باسيل – الحريري”
الكتلة النيابية الثانية ، التي احجمت عن تسمية الحريري، هي كتلة التيار العوني، وحجتها ان الرئيس الحريري لا يمكنه ترؤس جكومة اختصاصيين (مستقلين) ، لانه هو ذاته غير مستقل، وان وجوده على رأس الحكومة ، يتعارض مع المبادرة الفرنسية ، التي تنص على حكومة اخصائيين.
فضلا عن الرئيس عون ، قال في كلمة الى اللبنانيين، عشية تكليف الحريري، إن الاخير لا يستطيع الخروج بالبلاد من الازمة الراهنة، لان “عون”، جرّبه سابقا.
المعلومات تشير هنا ، الى ان علاقة الرئيس عون بصهره (باسيل) ، هي من يعقد التواصل الصحيح ، والمنجز بين الحريري وبعبدا.
وبينما يريد «باسيل»، ان «يلقن الحريري درساً ، مفاده انه هو(باسيل)، من يسمح للحريري بترؤس الحكومة، وأنه هو من يشكلها نيابية عن عمه (الرئيس)، وتاليا ، ان على الحريري ان يستشير باسيل في تسمية الوزراء المسيحيين، وهو الذي يرفضه الرئيس المكلف ، جملة وتفصيلا، لذلك امتنعت كتلة التيار “لبنان القوي” عن تسمية الحريري.
وفي رصد مواقف “تيار المستقبل” الحريرية ، تجاه مزاعم باسيل بـ”اختصاص واستقلال رئيس الحكومة”، يأتي الرد بالقول: إن رئيس الجمهورية ليس مستقلا، ولا رئيس المجلس النيابي، وانكم، انتم المسيحيين، من اخترع بدعة “القوي في طائفته يكون ممثلا لها في السلطة”. فالحريري هو الاقوى سنّيا ، كونه يترأس اكبر كتلة نيابية سنّية، وهو تاليا الاولى بترؤس الحكومة، وان مسألة “الاستقلالية” ، و”الاختصاص”، لا تسري عليه- اسوة بالرئيسين (عون وبري).
المعلومات والتصاريح العلنية، تشير الى ان الحريري يصر على تشكيل حكومة اختصاصيين غير حزبيين، وان اكثر من يمكن له ان يقدمه، هو “وزير شيعي مستقل” غير حزبي للمالية، فقط لا غير، وانه سيسمي ذلك الوزير بالإتفاق مع الرئيس عون، شريكه الدستوري في تشكيل الحكومة.

عندما يتفوق “الحريري” على الآخرين!
وفي قراءة اختصاصية للواقع اللبناني خلال الاشهر السالفة ، فان التراجع التدريجي لزخم الاحتجاجات في الشارع، أعاد بث الحياة في الطبقة السياسية الحاكمة لهذا البلد ، والتي كبّلت حكومة الاختصاصيين ، التي شكلها “حسان دياب – رئيس الحكومة السابق” بعد استقالة حكومة الحريري الأخيرة- قبل عام تقريبا- وأدت إلى اعتذار السفير “مصطفى أديب” عن تشكيل حكومة رغم الضغوط الدولية.
على أن فكرة تشكيل حكومة (تكنوقراط)، كان قد طرحها “حسان دياب” من قبل الحريري، ولم تمر، فلماذا يمكن أن ينجح الرئيس المكلف ، فيما فشل فيه دياب؟

في هذا السياق ، “مصادر واسعة الاطلاع ” تلفت الى ان (فارق) الحريري عن أخفاق سلفه (أديب)، هو ان الحريري ، يحظى باحتضان ورعاية دولية ، تمثله “باريس- واشنطن و”موسكو”، وهو يعتمد على هذا الدعم ، لتشكيل “حكومة المهمة”.
وتضيف هذه المصادر لـ”موقع التجدد الاخباري”، ان الحريري ، يعطي لنفسه فرصة (ستة أشهر) لوضع البلاد على طريق تجميد الانهيار الاقتصادي، والشروع في ورشة الاصلاحات، برعاية دولية ومتابعة، ومواكبة فرنسية (أوروبية).
وتختم هذه المصادر، بالقول : يجب ملاحظة انه “إذا ما تم قبول ترسيم الحدود مع (إسرائيل) وفق الشروط الأمريكية ، فسوف تخف ضغوط واشنطن على الاقتصاد اللبناني،حتما، وبالتالي سيكون هناك إمكانية لنجاح حكومة الحريري ، أكثر من حكومة دياب”.