aren

بين "إن بي سي نيوز" و"يديعوت احرونوت": الحراك الشعبي اللبناني نسخة من “السترات الصفراء” في فرنسا
السبت - 26 - أكتوبر - 2019

(خاص) – مكتب بيروت

التجدد الاخباري

تذهب أعمق التحليلات ، لماقد يحدث في الساحات ، الى ان أقصى ما يمكن توقعه ، هو أن يقدم مجلس الوزراء اللبناني بعض التنازلات ، و(ربما) تنهار أو تستقيل الحكومة الحالية ، خاصة وأن المتظاهرين غير منظمين للغاية، بل حتى أن الكثيرين منهم موالون أو تابعون للأنظمة التي يريدون إسقاطها”.

فيما ترجح أبعد التقييمات لتلك التظاهرات المستمرة منذ عشرة أيام ، “هو أن تظل المسيرات سلمية وأن تكون هذه الاحتجاجات طويلة الأمد، لتصبح نسخة عن (السترات الصفراء) في فرنسا ، ما يعني أنه سيطول أمدها مع ظهور بعض أعمال العنف”.

في هذا الاطار ، تبدو المواكبة السياسية الغربية والاجنبية للحدث اللبناني من زاوية مثيرة للاهتمام ، وهي : “أنه لا أحد يعلم كيفية تطوَر الأحداث في لبنان”، و أنه من غير المرجح ، أن يستفيد أي لاعب من اللاعبين الإقليميين من إضعاف لبنان . لذلك، فإن فرضية التدخل الأجنبي في الاحتجاجات اللبنانية (غير ممكنة).

فيما تركز الماكينة الاعلامية الغربية على اعتبار لبنان ، أكثر دول الشرق الأوسط تنوعا من الناحية العرقية ، وأنه البلد الوحيد في العالم ، الذي حدد الاختلافات الدينية في الدستور، منذ سنة 1943. فعلى سبيل المثال، يمكن للمسيحي الماروني (فقط)، أن يصبح رئيسا للبلاد، في حين يكون من حق المسلم السني ، اعتلاء منصب رئاسة الوزراء، ومن حق المسلم الشيعي ، رئيس مجلس النواب.

\التجدد الاخباري\ يرصد في هذا التقرير الخاص،نموذجين اعلاميين أجنبيين ، يسلطان الضوء على احتجاجات الشعب اللبناني :  

اولا :

شبكة “إن بي سي نيوز” الامريكية ، وفي تقرير نشرته على موقعها الاخباري ، زعمت : ان قادة حزب الله يشعرون بالخوف من الاحتجاجات ، وادعم ، “سولوم أندرسون”، الصحافية والمؤلفة المقيمة في (بيروت ونيويورك)، أن العديد من مقاتلي (حزب الله) في لبنان ، قد بدأوا في انتقاد زعيم الحزب ، حسن نصر الله، الذي يحظي باحترام اتباعه، كما أعربوا عن دعمهم للاحتجاجات المناهضة للحكومة.

وقالت أندرسون ، إنها تحدثت مع قائد كتيبة دبابات في حزب الله عبر الهاتف، وأشارت إلى أنها لم تكن تسمع في السابق ، سوى التعبير عن الولاء للحزب، الذي تعتبره الولايات المتحدة “منظمة ارهابية”، ولكنه يضم حزباً سياسيا ، يحتل أكثر من نصف مقاعد مجلس الوزراء في الحكومة اللبنانية إلى جانب الأطراف المتحالفة معه، ولذلك شعرت بصدمة كبيرة ، عندما انتقد هذا القائد ، (زعيم) الحزب بكل وضوح.

وأضافت اندرسون في التقرير ، أن قائد الكتيبة أخبرها، شريطة عدم الكشف عن اسمه، أنه يؤيد حركة الاحتجاج ، لأنه “يشعر بالاشمئزاز من الحياة هنا”.

وأدعت المراسلة ، أن قائد الكتيبة أخبرها، ايضا، بأن العديد من اتباع حزب الله ، قد انضموا بالفعل إلى المظاهرات، وقال:” كل وزراءنا فاسدون، قيادة حزب الله في فوضى، إنهم لا يعرفون ماذا يفعلون الآن”.

Lebanon-Riots-19.10.19

وقالت سولوم، وهي من “أصول لبنانية”، إنها تاثرت برؤية الكثير من الناس ، وهم يعارضون الحكومة، وأشارت إلى أن صور المتظاهرين الذين يرقصون مع علامات من روح الدعابة ضد النخب السياسية ، كانت رائعة ، ولم تكن متخيلة في مجتمع يسقط على الأرض بسبب الصراع والركود السياسي”.

واوضحت أندرسون، مؤلفة كتاب “الابنة الرهينة”، أن حزب الله تمكن من تخطي العواصف خلال الثلاثين عاماً الماضية، بدء من الغزو الإسرائيلي في عام 2006 إلى اضطرابات الحرب السورية، ولكنه لم يواجه مثل هذه المشاعر الداخلية القوية ضده ، كما يحدث الآن، وهناك شئ واحد مؤكد من وجهة نظر محلية: القيادة تشعر بالخوف لانها تواجه أكبر أزمة وجودية واجهتها منذ وقت طويل.

ثانيا :

يوم (أمس) الجمعة ، صحيفة “يديعوت أحرونوت” الاسرائيلية ، تنشر تقريرا صداما ، أثار جدلًا واسعًا وتساؤلات كثيرة ، حول كيفية حصول الصحيفة الإسرائيلية ، على “تقرير ميداني” ، غطت من خلاله الأحداث، التي دارت في ساحة (رياض الصلح) بالعاصمة اللبنانية- بيروت، وتغطية أخبار الاحتجاجات فيها.

وهو ما استدعى لدى الكثيرين ، اطلاق التساؤلات حول الحراك اللبناني وخلفياته ، بل والتشديد على أن الاحتجاجات ، عبارة عن (مؤامرة خارجية) ، فكتب أحدهم “مراسلة صحيفة يديعوت احرونوت، فرانتشيسكا بوري، تعد تقريرا من قلب تظاهرة رياض الصلح في بيروت.. أين تلفزيونات الثورة؟ أين القوى الأمنية؟ وكيف تدخل هذه الصهيونية بيروت؟ ومن ادخلها؟.. سؤال برسم الجميع بما فيها الثورجية”.

وفعلًا ، نشر موقع (يديعوت أحرونوت)، مساء يوم الخميس، عبر “موقعه وفي صحيفته” ، الصادر صباح الجمعة ، تقريرًا من ساحة رياض الصلح من بيروت، أعدته الصحافية الإيطالية، (فرانتشيسكا بوري).

وبوري ، هي إيطالية معروفة بعملها الصحافي الحر، ما يعني أنها تعدّ تقارير ، وتبيعها لمواقع عالمية عدة، علمًا بأنها تكتب عن انتفاضة اللبنانيين، في الوقت نفسه، لصالح صحيفة “Il Fatto Quotidiano” الإيطالية.

20191025033124

غلاف ملحق صحيفة “يديعوت أحرونوت” الصادر يوم الجمعة – 25\10\2019

والصورة المستخدمة في التقرير إياه ، تعود لإحدى المتظاهرات، يوم الأربعاء، التقطها مصور وكالة “فرانس برس”، جوزيف عيد، في منطقة “ذوق مصبح” اللبنانية ، ومتاحة في الوكالات الإخبارية ، ومنصات الصور مثل “Getty”.

وللمفارقة، فإن الصحافية نفسها ، أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط الفلسطينية، العام الماضي، حين أجرت مقابلة مع القيادي في حركة “حماس”، يحيى (السنوار)، وباعتها أيضًا لـ”يديعوت أحرونوت”.

مشاركو المزاعم عن “تسلل المؤامرة ” إلى انتفاضة اللبنانيين ، زعموا أيضاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي ، أن صورة المرأة المرفقة بالتقرير ، تعود إلى الصحافية، لكنها صورة متاحة على الوكالات الإخبارية العالمية، لمواطنة لبنانية تشارك في الانتفاضة، واسمها (جوان خليل).

جدير بالذكر، أن النقاش مازال قائما عن المتظاهرين وحراكهم، وبين من يتهم هؤلاء بتلقي الأموال من سفارات أجنبية، وبين من يدافع عن اولئك باعتبار ان مايتم تداوله بشأن تحركاتهم ودوافعها ، هي أخبار كاذبة.