aren

(التجدد الاخباري) يكشف كواليس الساعات الأخيرة : هكذا تم التمديد لـ “اليونيفيل” في الجنوب اللبناني
الإثنين - 13 - سبتمبر - 2021

خاص \ حصري

التجدد الاخباري – مكتب (بيروت + واشنطن)

عاصفة التمديد

“قطوع” التمديد للقوات الدولية العاملة في الجنوب “اليونيفيل” مرت بسلام مع نهاية شهر آب (اغسطس) الماضي، واعطيت هذه القوات عاماً اضافياً بقرار من مجلس الامن حمل الرقم 2591 ، مدد ولاية “اليونيفيل” لسنة اخرى تنتهي في 31 آب (اغسطس) 2022.

أجهزة استخبارية أطلسية ، كشفت لـ”موقع التجدد” ان اللوبي اللبناني المرتبط بقوى (صهيونية) داخل الولايت المتحدة ، كان يعمل على طول الخط ، وحتى قبل الوصول الى لحظة تمديد التفويض لقوات (اليونيفل) في مجلس الامن على دفع الحكومة الأمريكية إلى ممارسة حق النقض (الفيتو) على قرار التمديد لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في (جنوب لبنان).

ووفق ماكشفته تقارير أعدتها هذه الاجهزة ، فان العمل كان جار أيضا داخل (اللوبي اللبناني – الصهيوني) على خط مواز آخر ، وهو الاستحصال على موافقة مجلس الأمن، و(كذلك) الدول المساهمة في اليونيفيل، لفرض التغييرات الهيكلية اللازمة للقوة حتى تتجاوز العوائق على عمل اليونيفيل التي يفرضها “حزب الله والسلطات اللبنانية”.

بيرنز

وفي هذا السياق ، تلفت “جهات متابعة” الى ان طبيعة عمل “اليونيفيل” ، كانت موضع نقاش خلال زيارة رئيس الوكالة المركزية للمخابرات الامريكية (وليم بيرنز) الى بيروت قبل ايام، حين تحدث عن امكانية تمدد “اليونيفيل” ، اذا تحقق انسحاب اسرائيلي من مزارع شبعا.

ووفق تقديرات تلك الجهات، فان ذلك (تمدد اليونيفيل) ، يشكل تطوراً استراتيجياً كبيراً ، له ارتباط بسلسلة معضلات في المنطقة ، يمكن ان تؤدي الى ارساء الهدوء على الحدود اللبنانية الجنوبية مع ما يرافقها من امكانية ترسيم الحدود ، المجمد حاليا، برا وبحرا، فضلا عن اتفاقات اقليمية (اخرى).

التصويت الاممي بتمديد عمل «اليونيفيل» لسنة اضافية ، شكل صدمة مدوية لقوى اللوبي اللبناني المتصهين في الولايات المتحدة ، خصوصا لجهة مع ما يتطلب ذلك القرار من تخصيص قرابة (نصف مليار دولار)، مطلوبة لتمويل عمل القوة الدولية ، وهي أموال تأتي في غالبها من الحكومة الأمريكية.

وقد حاجج العديد من اعضاء اللوبي اللبناني الصهيوني المشترك داخل الغرف المغلقة والصالونات السياسية والدبلوماسية ، وكذلك في وضع العديد مما يسمى (أوراق بحثية) بهدف الترويج الى فشل مهمة اليونيفيل – جنوب لبنان ، وان “الحال المستمر هناك من خلال فرض منطقة عمليات خالية من أي أفراد مسلحين وأسلحة لا يتم استخدامها في أنشطة عدائية من أي نوع (حسب نص تفويض القوة الأممية)، هو فشل محتوم”.

لتخلص خطط هذا اللوبي المشترك الى أن” الطريقة الوحيدة ، المقنعة للمضي قدما ، تقضي باستخدام حق النقض ضد تجديد ولاية اليونيفيل” في أغسطس\ آب المقبل.وأنه “بعد حل القوة، يمكن (نقل مهمة الارتباط)، أي التنسيق الذي تقوم به بين الجانبين اللبناني و(الاسرائيلي)، إلى مكتب منسق الأمم المتحدة الخاص بلبنان”.

وفيما تشرف (اليونيفيل) على (الارتباط)، الذي يشارك فيه الجيشان اللبناني و(الاسرائيلي)، وهذه إحدى الوظائف التي يشير إليها مؤيدو الإبقاء على القوات الدولية. فان حجة أعضاء اللوبي ، هو “أن الارتباط لا يتطلب نصف مليار دولار سنوياً لتمويل عمل طاقم عمل لا يزيد عدد أفراده عن عشرة أشخاص” !

وكان دعا الكونغرس الأمريكي في وقت سابق إلى “حجب التمويل، في حال مددت إدارة (الرئيس جو) بايدن الوضع الراهن، وجددت تفويض اليونيفيل، التي فشلت في تعزيز المصالح الأمريكية”.

عاصفة التعديل

تجاوز العاصفة الـ(مرافقة) لقرار التمديد ، والتي كانت تدعو الى تعديل مهام “اليونيفيل” وتوسيع الصلاحيات وتعزيزها، اعتبره مراقبون (غربيون) ، مؤشراً “مريحاً” لافرقاء كثيرين لا لنجاحاته ، بل لانه جنبهم الاحراج، فيما ان اي تعديل في المهام او توسيعها، سوف يحدث ازمة سياسية بين القوى اللبنانية من جهة، وقوى دولية من جهة اخرى.

ويرى المراقبون ان التمديد لن يؤدي الى اراحة الساحة اللبنانية، بل انه لا يزال يخفي مؤشرات على استمرار الانقسام الدولي حول لبنان ويرى البعض انه كان يمكن للتوافق الدولي، سواء على توسيع صلاحيات “اليونيفيل” او تغيير شكل عملها او تخفيف عديدها ، او تقليص موازنتها، ان يعكس اهتماماً دولياً استثنائياً ايجابياً او سلبياً، في حين ان التمديد وفق الصيغة السابقة ، يدل على عدم اهتمام دولي قادر على تغيير واقع معين.

لكن في المقابل يعكس التمديد سعياً دولياً دائماً لابقاء الهدوء سيد الموقف في الجنوب وعدم السماح او عدم وجود اي قرار او رغبة في التصعيد او اشعال الجبهة، وهذا يتلاقى حسب مصادر ديبلوماسية، مع مواقف واضحة، اميركية واسرائيلية وفرنسية وروسية وايرانية ولبنانية. لذلك لم تتوسع مهمة “اليونيفيل” كما انها لم تنحسر، وهذا ما كان يتخوف منه لبنان لان اي تغيير او تعديل يمكن ان يحدث انعكاسات سلبية على الساحة اللبنانية.

الا ان العامل الجديد في قرار التمديد هو تضمينه الاشارة الى تدابير مؤقتة وخاصة “لدعم القوات المسلحة اللبنانية بمواد غذائية ووقود وادوية” اضافة الى دعم لوجستي لمدة ستة اشهر، على ان يتم ذلك في حدود الموارد المتاحة وبما يتوافق مع سياسة العناية الواجبة في مجال حقوق الانسان التابعة للامم المتحدة، كما حث القرار الدولي على مزيد من الدعم للجيش اللبناني، مع التأكيد على ضرورة انتشار القوات المسلحة اللبنانية بشكل فعال ودائم في الجنوب، والاستفادة “البناءة والموسعة” من الاليات الثلاثية لــ “اليونيفيل” اي الاجتماعات التي تعقد بين ضباط من الجيش اللبناني والجيش الاسرائيلي برعاية “اليونيفيل” لمعالجة اي حوادث طارئة تقع في نطاق العمليات الدولية، بما في ذلك اللجنة الفرعية المعنية بــ “الخط الازرق”.

قوات اليونيفيل بالجنوب اللبناني

هذا الذي حدث في (كواليس) التمديد … وهذه هي (ملابساته)

عن هذه الكواليس ، التي جرت داخل الأروقة الاممية ، وصولا لهذا القرار ، تميط اللثام التقارير الديبلوماسية التي وردت من نيويورك لـ”موقع التجدد الاخباري” عن تفاصيل ماحدث في الساعات الاخيرة.

فقد “ادت المفاوضات التي قادتها فرنسا، والتي تحمل القلم الخاص بالمسائل اللبنانية ولاسيما  التجديد لــ “اليونيفيل” في كل سنة، الى تعديل المسودة الاصلية لنص القرار مرتين (على الاقل) خلال الشهر الماضي بطلبات من الصين وروسيا”.

وهذا يتقاطع مع ماكشفه لـ(التجدد) ، دبلوماسي متابع لـ”ملف لبنان” بمجلس الامن ، فقد لاحظ هذا الديبلوماسي ان “الولايات المتحدة بقيادة الرئيس جو بايدن، لم تضغط هذه السنة للمطالبة بتعديل تفويض (اليونيفيل) كي يتسنى للمهمة الدولية القيام بدور اكثر فاعلية في مواجهة (حزب الله)، ومنع انتشار الاسلحة في جنوب لبنان”. ذلك ان ادارة الرئيس الامريكي السابق دونالد (ترمب)، كانت تصر خلال السنوات الماضية على خفض عديد “اليونيفيل” وتعديل تفويضها، وقد وافقت فرنسا العام الماضي على حل وسط ، يخفض سقف عدد الجنود من 15 الفاً الى 13 الفاً.

ووفق جهات دبلوماسية دولية ، فقد تركزت نقطة الخلاف الرئيسية هذا العام على (لغة القرار)، التي تطلب من (اليونيفيل)، تقديم “دعم ومساعدة القوات المسلحة اللبنانية على اساس موقت لمدة عام واحد مع توفير مواد اضافية غير مميتة ودعم لوجيستي”. حيث تضمنت المسودة الاولى ، شروطاً ، تحدد ان هذا الدعم ، ” سيقدم ضمن الموارد الموجودة وفي اطار النشاطات المشتركة بين القوات المسلحة اللبنانية واليونيفيل على ان يمتثل الجيش اللبناني لسياسة الامم المتحدة ، لجهة تعزيز القانون الانساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الانسان وقانون اللاجئين عند تقديم الدعم”.

كما تكشف التقارير التي اعدها ممثلو وبعثات الدول من الاعضاء الدائمين في مجلس الامن ، ان قائد “اليونيفيل” الجنرال (ستيفانو ديل كول) ، أبلغ اعضاء مجلس الامن خلال المفاوضات حول الظروف الصعبة التي يعاني منها الجيش اللبناني. فقد”اثار الدبلوماسيون الروس والصينيون و(غيرهم)، تساؤلات حيال ما اذا كانت اليونيفيل هي القناة الصحيحة لدعم الجيش اللبناني بالادوية والاغذية، نظراً لأن ذلك يمكن ان يؤدي الى سابقة يطلب فيها من بعثات حفظ السلام الاخرى ايضاً تقديم الدعم للجيوش الوطنية”.

وعند هذه النقطة تحديدا ، طالبت كل من (الصين وروسيا) بحذف هذه الفقرة ، ليجري تجاوز اعتراضاتهما لاحقا ، باضافة عبارة تفيد بأن التدابير الخاصة المؤقتة “لا ينبغي اعتبارها سابقة”،وان “يقتصر تقديم الدعم اللوجستي والمواد غير المميتة”،الموصوفة “بالوقود والاغذية والادوية” على فترة ستة اشهر.

كما ان الفقرة المعدلة، مصحوبة بالتحديد ، بأن التدابير المؤقتة ، يجب توفيرها “مع الاحترام الكامل للسيادة اللبنانية وبناء على طلب السلطات اللبنانية”. كذلك ، سعت بعض الدول الى اضافة عبارة تطلب من “اليونيفيل” ، دعم منظمات المجتمع المدني النسائية ، والتعامل معها، على ان القرار النهائي لم يتضمن هذا الاقتراح. وأيضا اضافت عبارة جديدة ، تدعو السلطات اللبنانية الى “ضمان اجراء الانتخابات عام 2022 وفقاً للجدول الزمني المخطط لها”. وتشمل الاضافات ، مطالبة القيادة السياسية اللبنانية بتشكيل حكومة- لم تكن حكومة ميقاتي قد أبصرت النور بعد- والتشديد على الحاجة الى “تحقيق سريع ومستقل وحيادي وشامل وشفاف” في انفجار مرفأ بيروت في آب (اغسطس) 2020.

وبينما حث مجلس الامن الاطراف على التقيد الصارم بالتزاماتها باحترام سلامة “اليونيفيل” وموظفي الامم المتحدة الاخرين، دعا الاطراف الى اتخاذ جميع التدابير المناسبة لتعزيز سلامة وامن موظفي الامم المتحدة ومعداتها. كما دعا المجلس الى الاسراع بانجاز التحقيقات التي بدأها لبنان في جميع الهجمات ضد “اليونيفيل” من اجل تقديم مرتكبي هذه الهجمات الى العدالة على وجه السرعة .

وفي القرار، دعا مجلس الامن الاطراف الى تعزيز جهودهم من اجل التنفيذ الكامل لجميع بنود القرار 1701 (2006) دون تأخير. ودان المجلس جميع انتهاكات الخط الازرق جواً وبراً، ودعا الاطراف بشدة الى احترام وقف الاعمال العدائية، ومنع انتهاكات الخط الازرق، والتعاون الكامل مع الامم المتحدة واليونيفيل.

كما دان اعمال المضايقة والترهيب ضد افراد “اليونيفيل” بأشد العبارات وحث جميع الاطراف على ضمان حرية “اليونيفيل” في الحركة والوصول الى الخط الازرق. وتضم “اليونيفيل” حوالي 10,000 جندي حفظ سلام من 46 دولة مساهمة بقوات مع تفويض لمراقبة وقف الاعمال العدائية بين لبنان واسرائيل.

كما انها مكلفة بمساعدة ودعم القوات المسلحة اللبنانية في الحفاظ على المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني خالية من العناصر المسلحة او الاسلحة او الاصول الاخرى غير المصرح بها. علاوة على ذلك، تساعد الحكومة اللبنانية (بناء على طلبها) في تأمين الحدود ونقاط الدخول الاخرى لمنع الدخول غير المصرح به للاسلحة، او المواد ذات الصلة.