شارك في اعداد هذه المادة /رئيس التحرير – رائف مرعي/
التجدد- مكتب اسطنبول
درب عقلك على حل هذا اللغز
علق المراقب العام (الأسبق) لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا، علي صدر الدين (البيانوني)، على ما أثير مؤخرا ، بشأن حديث رئيس المكتب السياسي (السابق) لحركة حماس، خالد (مشعل)، بشأن الوساطة بين الإخوان المسلمين السوريين ، وحكومة دمشق مطلع عام 2011.
وكانت تصريحات (مشعل) قد أثارت تعليقات متضاربة على وسائل التواصل الاجتماعي، بين من حاول التنبيه إلى أن الحديث يتعلق بفترة تسبق انطلاق “الثورة السورية” بأسبوعين، وأنه يمكن أن يكون الأمر خطوة إيجابية لو استجابت الدولة للتغيير، وآخرين اعتبروا ذلك “انتهازية” من قبل الإخوان ، وأنهم مستمرون في مسعاهم الدائم الى السلطة.
وكان (مشعل) قد أشار خلال جلسة حوارية مطولة ، نظمها مركز “مسارات” الفلسطيني عبر الإنترنت، في سياق حديثه عن علاقة حركة حماس بالحكومة السورية و(الإخوان المسلمين)، إلى حوار جرى مع (البيانوني)، الذي كان برفقة خلَفه في قيادة الجماعة ، والمراقب العام – حينها- رياض (الشقفة)، وأن القياديين ناقشا معه “فتح خط وساطة مع دمشق”.
وقال مشعل: “عندما جاء الربيع العربي.. أنا سأقول لكم قصة للتاريخ.. في بداية آذار/ مارس 2011، يعني قبل أسبوعين من بدء الحراك السوري، كان عندنا مؤتمر للقدس في الخرطوم، والمشاركون في المؤتمر من كل التيارات والاتجاهات، وكان من ضمنهم أناس من الإخوان المسلمين السوريين، كان البيانوني ورياض شقفة، وطلبا لقائي فالتقيت بهما.. قالا لي: يا أبا الوليد أنت ترى الوضع.. وكانوا قد رأوا ما جرى في مصر، وكان هناك حراك قد بدأ في ليبيا واليمن، وكانوا يظنون أن الأمور رح تمشي (ستمضي)” في سوريا.
وأضاف مشعل: “قلت لهم؛ يا إخواننا أرجوكم، من حقكم أن تكون لكم ملاحظات على السياسة السورية الداخلية، وأنتم شعب لا أقدر أن أمنعكم أن ترفعوا شعارات الحرية والديمقراطية، لكن سوريا كبلد له سياسة خارجية ممتازة، يحتضن المقاومة.. لا تعملوا أداء كما يجري في البلاد الأخرى، حاولوا أن تعملوا مقاربة مختلفة”.
وبحسب مشعل، فإن البيانوني والشقفة قالا له: “إيدنا في حزامك (بمعنى الموافقة) يا أبو الوليد، افتح لنا حوارا مع النظام. وعدت إلى سوريا ونقلت هذا للمسؤولين في سوريا، ولم يحصل شيء”
– نتوقف عند هذا الاقتباس-
… وهنا ننقل لكم “تعليق البيانوني” على “رواية مشعل”
من جهته، أوضح (البيانوني) أن حديث خالد “يتعلق بلقاء خاص دعانا إليه على هامش مؤتمر القدس السنوي الثامن، المنعقد في الخرطوم بين 6 و7 آذار/ مارس 2011″، لافتا إلى أنه في كل مرة نجتمع في مؤتمر ما، “نطلب أو هو يطلب اللقاء”.
وتابع (أبو أنس ) : “دار الحديث عن الثورات التي كانت قد انطلقت في تونس ومصر وليبيا.. وسألنا مشعلُ عن الأوضاع السورية، فقلت له؛ إن الأسباب التي أدّت إلى اندلاع هذه الثورات، متوفّرة في سوريا أضعافا مضاعفة، أكثر مما هي متوفرة في تونس وليبيا ومصر، بل إن إرهاصاتها في سوريا قد بدأت”.
وقال: “ذكرت له مثالا، المظاهرة التي خرجت في منطقة الحريقة بدمشق بسبب اعتداء شرطي مرور على ابن أحد المواطنين من تجار الحريقة، حيث احتشد حوالي ألف متظاهر يهتفون “الشعب السوري ما بينذل” بسبب شجار حول مخالفة وقوف في المنطقة”.
وأكد (البيانوني)، أنه أبلغ مشعل حينها ، بأنه “إذا لم يبادر صاحبك بشار لاتخاذ خطوات عملية باتجاه الانفتاح على الشعب والحريات العامة، فإنّ الثورة في سوريا قادمة لا ريب فيها، ولسنا نحن من سيفجرها، بل ستكون ثورة شعبية عارمة، ولن ينفع في تداركها الآن مجرد اتخاذ قرارات نظرية، بل لا بدّ من خطوات انفراج وانفتاح عملية عاجلة، يشعر بها أبناء الشعب قبل فوات الأوان، وأظنه قد فات”.
وذكر (البيانوني): “قلت له إذا كانت هناك موانة على صاحبك (الأسد) فاطلب منه التغيير قبل فوات الآن، والوضع لم يعد يحتمل”.
وتابع: “التفت (مشعل) إلى رياض الشقفة، وكان حينئذ المراقب العام للإخوان السوريين، وقال له: هل أنقل هذه الرسالة للرئيس بشار باسمكم أنت والأخ أبو أنس (البيانوني)؟ فأجابه الأخ أبو حازم (الشقفة) بالإيجاب.. فقال الأخ أبو الوليد(خالد) : سأفعل”.
وأوضح (البيانوني)، أنه التقى مع (مشعل) في أكثر من مناسبة ، وأكثر من مجلس بعد ذلك، “وكان معنا إخوة آخرون سوريون وغير سوريين، فذكر هذا اللقاء، وأكّد أنه أوصل الرسالة لبشار ولبعض المسؤولين الأمنيين، لكنه لم يلقَ آذانا صاغية”.

التجدد الاخباري
بين (رواية مشعل) ، و(توضيح البيانوني) ، يتبين لنا، ان ثمة تناقض في أقوال (الاخوين) ، على نحو لا يمكن الجمع بينهما، تناقض يوصف في “علم المنطق” بـ(التناقض الصوري) ، وهو اختلاف القضيتين بالإيجاب والسلب، بحيث يقتضي لذاته ، صدق إحداهما ، وكذب الأخرى. فأي (اخونجي) منهما، هو الكاذب.
وربما كان – لصيانة الذهن عن الخطأ في الفكر- من صحيح القول هنا : ان الحاصل ، هو “تناقض الاخوان”، ولم “تتناقض أقوالهما”.
فقد تقيأ (أبو الوليد/ خالد مشعل) ، وقال كذبته ، التي اسماها قصة للتاريخ ، وجاء (علي صدر البيانوني / أبو أنس) ليتقيأ هو الآخر بكذبة أثقل ، التي اسماها توضيحا ، وهي على منوالها ، تلفيقا ونفاقا.
ختاما ، وحتى نحل هذا اللغز المحير ، نسأل (مشعل والبيانوني) : فبأي آلاء سوريا تكذبان؟

بقية “هراء مشعل”
“محور المقاومة”
وكان مشعل قد تطرق في الندوة الحوارية إلى علاقة حماس بما أسماه “محور المقاومة”، قائلا: “نحن في قلب محور المقاومة، دون أن ننقطع عن تيارات الأمة الأخرى.. حتى الدول التي تلتقي معنا جزئيا أو غير جزئي.. نحن منفتحون على الأمة.. حماس لم تكن يوما خارج محور المقاومة. نحن في قلب محور المقاومة” بحسب قول مشعل.
وتحدث عن علاقة حركته بدمشق – سابقا، وقال: “لو أتيح لأحد منكم أن يسأل المسؤولين السوريين؛ كم حماس في سنواتها الذهبية اللي عاشتها في سوريا وقفت مع سوريا. ولا ننسى هذا التاريخ، سوريا احتضنتنا رسميا وشعبيا، النظام احتضننا وكذلك الشعب احتضننا. فلا ننسى هذا التاريخ”، كما قال.
ورفض الاتهام لحماس بأنها تأثرت بعلاقتها بـ(الإخوان المسلمين) في تحديد شكل العلاقة مع سورية ، وقال: “هم أيضا يعرفون (النظام) كم نحن سعينا لتغيير صورة سوريا عند الإسلاميين، ليس فقط الإسلاميين السوريين، عند كل الإسلاميين في العالم، هم يعرفون هذا الكلام. وهذا واجبنا، لا نمن به على أحد، هذا واجبنا. كنا نقول لهم تعالوا تفضلوا لتروا كيف تقف سوريا مع الحق الفلسطيني، ولا تتدخل في قرارنا” بحسب قول مشعل.
وتابع: “كنا نقول هذا الكلام. وفعلا هناك أناس خرجوا، وهناك أناس كانوا ممنوعين من دخول سوريا، أنا أدخلتهم بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية، وخرجوا من سوريا بصورة مختلفة عن سوريا. يعني كلنا إحنا اشتغلنا للمصلحة العامة بفضل الله، محدش (لا أحد) كان تابعا للثاني”، وفق تعبيره.
وأوضح مشعل أن حماس سعت إلى أن تبقى سوريا في استقرار ومنعة لسياستها الخارجية الممتازة، وأن تكون للنظام مقاربة مع شعبه ، الذي كانت مطالبه بسيطة في ذلك الوقت” بحسب قول مشعل.
كما تحدث عن نقاش مع الأمين العام لحزب الله، “حسن نصر الله”، حول سوريا، وقال: “قابلته مبكرا في أول الأزمة وشرحت له، قلت له أخشى الأزمة تكبر يا سيد أبو هادي، وذهب إلى دمشق والتقى بالرئيس بشار، واقترح السيد حسن على الرئيس بشار أنه خلي (اترك أو اسمح لـ) أبو الوليد بحكم علاقته الجيدة بين النظام والشعب يعمل وساطة، وتحركتُ في وساطة” بحسب قول مشعل.

وتابع: “أُبلغت بذلك، قلت لهم حاضرين، وراجعت إخواني في القيادة (في حماس)، وسعينا. وفي أول يوم بدأنا، وإذا بالتعليمات تأتيني من أحد المسؤولين الأمنيين دون ذكر أسماء: قف يا أبو الوليد.. احترمت.. قلت لهم يا جماعة أنا لا أتدخل رغما عنكم، أنا أخدمكم بالقناعة بيني وبينكم، إذا بدكم وساطة حاضر، وإلا فالأمر لكم، لا أزاحمكم” بحسب قول مشعل.
وأشار مشعل إلى خروج حماس من سوريا في كانون الثاني/ يناير 2012. وأضاف: “لماذا خرجنا؟ لسببين: السبب الأهم صراحة أن هذا الموقف بعد ذلك لم يعجب المسؤولين في سوريا، أرادوا منا بصور مختلفة أن يكون موقفنا حاسما، أي نحن مع النظام ضد ما يجري (الثورة). أصدرنا بيانا في 2 نيسان/ أبريل 2011، في البداية راق لبعضهم ولكن لم يعجبهم، اعتبروا أن هذا غير كافٍ، قلنا لهم يا جماعة كيف يعني؟ أنا مع سوريا بكل مكوناتها، أنا لا أقف مع النظام ضد شعبه، ولا مع الشعب ضد النظام، أنا ضيف عالبلد” بحسب قول مشعل.

وقال: “بدأنا نشعر أن هناك غضبا وانتقادا شديدا لنا، كأننا خنّا الأمانة. لا يا جماعة، أنتم وقفتم معنا ضد الاحتلال الصهيوني، وتُشكرون على وقفتكم العظيمة معنا، ولكن أنا لا أستطيع أن أقف مع النظام ضد الشعب، ولا أستطيع أيضا أن أقاتل مع الشعب ضد النظام.. إذا استطعت أن أعمل مساعي خير أعملها. فوجدنا أننا ضيوف على بلد ضاق بنا ذرعا لأننا أخذنا هذا الموقف، فوجدنا أنه مستحيل نبقى فيه، وخاصة مع سبب ثانٍ يتعلق بالوضع الأمني والتفجيرات، ما عدنا قادرين أن نتدير أمورنا، فخرجنا. لكن لا طعنّا النظام ولا أسأنا له” بحسب قول مشعل.
وعاد للقول: “يعني نحن ضغطنا على الإخوان.. نحن ضغطنا على الإخوان يا جماعة خذوا وأعطوا مع نظامكم، توصلوا إلى حل ما، وهذا فعلناه ليس فقط مع الإخوان السوريين.. في مصر يعلمون ذلك، وفي الأردن يعلمون ذلك، نحن دائما سعينا إلى أن تتفاهم القوى السياسية مع أنظمتها.. لم ندخل في أزمة أي نظام مع شعبه، ولا شعب مع نظامه” بحسب قول مشعل.
وأكد موقف حماس قائلا: “نحن نحترم الخصوصيات، لكن من حقنا أن نقول: نحن مع الحريات، نحن مع الديمقراطية، كما أننا في ذات الوقت ضد التدخل الخارجي، نحن ضد تقسيم البلاد، نحن ضد العنف، نحن ضد الاستقطاب الطائفي والعرقي”، بحسب قول مشعل.