aren

بين "كورونا" و"اردوغان" : ادلب … تواجه الاجرام التركي والموت الجماعي بحق أهلها
الخميس - 2 - أبريل - 2020

ادلب

(خاص)

التجدد الاخباري – مكتب (واشنطن – اسطنبول)

استقدمت القوات التركية، أمس (الأربعاء)، مزيدا من التعزيزات العسكرية إلى سوريا، ودخل رتل عسكري جديد ، مؤلف من عشرات الآليات والدبابات وناقلات الجند والمدرعات عبر معبر “كفرولسين” الحدودي مع (لواء إسكندرون) السليب ، واتجه نحو المواقع والنقاط التركية ، المنتشرة كـ(قوة احتلال) في محافظة “إدلب”.

ومع استمرار تدفق الأرتال التركية، فإن عدد الآليات التي دخلت إلى الأراضي السورية منذ بدء وقف إطلاق النار الجديد في السادس من آذار\مارس الماضي ، بلغ 2130 آلية، إضافة إلى آلاف الجنود، وبذلك، يرتفع عدد الشاحنات والآليات العسكرية ، التي وصلت إلى منطقة «خفض التصعيد» ، خلال الفترة الممتدة من الثاني من شهر فبراير/شباط الماضي – حتى الآن، إلى أكثر من 5535 شاحنة ، وآلية عسكرية تركية دخلت إلى الأراضي السورية، تحمل دبابات وناقلات جند ومدرعات و«كبائن حراسة» متنقلة مضادة للرصاص، ورادارات عسكرية، فيما بلغ عدد الجنود الأتراك ، الذين انتشروا في (إدلب وحلب) خلال تلك الفترة ، أكثر من 10250 جندياً تركيا.

“أنقرة” تعيد تشكيل وترتيب “فصائلها الجهادية”

وكانت أعادت فصائل “أنقرة” المسلحة في محافظة “إدلب” ، تشكيل صفوفها ضمن وحدات عسكرية جديدة ، “كي يسهل التنسيق فيما بين هذه الوحدات والجيش التركي”، المتواجد\المحتل في (إدلب) بكثافة كبيرة.

وبحسب مانقلت وكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ) ، عن قائد عسكري في صفوف تلك الفصائل -طلب عدم ذكر اسمه- قوله عن تشكيل “ستة” ألوية عسكرية جديدة بمحافظة ادلب-شمال غرب سورية للتنسيق مع الجيش التركي في المنطقة. وأضاف :”إن الألوية المشكلة من الجيش الوطني والجبهة الوطنية للتحرير تخضع لقيادة عسكرية سورية بشكل كامل وليست تحت قيادة ضابط تركي، مشيرا إلى أن هناك تنسيقا وغرفة عمليات مشتركة مع الجيش التركي المتواجد في المحافظة”. مؤكدا ان “الجيش التركي منتشر بشكل كبير في محافظة ادلب في جسر الشغور وجبل الزاوية والنيرب والمسطومة وأريحا إضافة إلى نقاط انتشاره وفق اتفاق سوتشي بين الروس والأتراك” ، لافتا إلى أن هذا الانتشار ، يحتم وجود آلية عمل مشتركة بين الجيش الوطني والجيش التركي ، لتسهيل عمل الطرفين معاً على الأرض.

على نحو مواز ، قام الجيش التركي، خلال الأيام القليلة الماضية، بإعادة نشر منظومة للدفاع الجوي، كان قد سحبها من محافظة إدلب السورية ، بعد توقيع «اتفاق موسكو» في الخامس من آذار \مارس الماضي. ووفق “جهات متابعة” لمستوى التصعيد التركي اللوجستي بـ”ادلب ومحيطها” ، فان نشر هذه المنظمة ، مجددا، يشير إلى نية مبيتة لاستئناف شن عمليات قتالية ضد الجيش السوري وحلفائه، أو على الأقل لفرض أوضاع مخالفة لـ”اتفاق موسكو”، في مقدمتها عدم الالتزام بفتح طريق (حلب – اللاذقية) الدولي للمرور، وتأمينه بتسيير دوريات “روسية – تركية” مشتركة.

وتستدل تلك الجهات على خبث الدور التركي ، بالطريقة التي قامت بها ، فصائل “أنقرة” العسكرية منع تسيير الدورية الأولى على ذلك الطريق ، وكيفية تنفيذ الآلية ، التي تمت بمشاركة وإشراف القوات التركية، لتعود نفس الفصائل ، وتفشل (مرة أخرى) ، محاولة تسيير الدورية الثانية في 23 مارس/‏آذار.

ادلب

فيما يواصل الجيش التركي ، بناء النقاط الحصينة المدججة بالسلاح الثقيل، على امتداد طريق (حلب – اللاذقية) نفسه ، و في (غيره) من المواقع، حتى بات عدد تلك النقاط (الاحتلال) ، يقارب من (50 نقطة) ، منها “ثلاث نقاط” في جسر الشغور، المفروض تسليمها إلى القوات الروسية والسورية ، بمقتضي «اتفاق موسكو».

يشار هنا ، الى ان تركيا كانت سارعت إلى الزج بحشود ضخمة من القوات ، والآليات العسكرية في محافظة “إدلب”، بمجرد توقيع (اتفاق موسكو). وفي هذا الاطار ، يتوقف عدد من المحللين عند ما أعلنه “أردوغان” ، بعيد توقيع الاتفاق ، من أنه يجب أن يكون (دائماً)، وبحسب هؤلاء ، فان كلام الرئيس التركي ، يشير إلى “نيته” في عدم الانسحاب من الأراضي السورية ، الباقية تحت سيطرة جيشه، وفصائل مخابراته “المعارضة السورية المسلحة”.

ومن ناحية أخرى، فإن استمرار المنظمات ، الأشد تطرفا، مثل : “هيئة تحرير الشام (النصرة- سابقاً)” و”الجيش التركستاني” و”أجناد القوقاز” و”الأوزبك” وغيرها، في الاحتفاظ بأسلحتها الثقيلة ومواقعها، واستمرار شنها للهجمات ضد الجيش السوري وحلفائه، يشير إلى عدم جدية أردوغان ذاته في تنفيذ (الاتفاق).

أما بخصوص الاحتكاك بين بعض المنفلتين من أعضاء هذه الفصائل، الأشد تطرفا، الذين يقومون بعملية عسكرية (رمزية) هنا ، أو هناك ضد القوات التركية (نفسها)، فانها وفق اولئك (المحللون)،هي فقط لإظهار أن هذه الفصائل ،”خارجة عن السيطرة”، في حين ان القاصي والداني ، بات يعرف بأن روح وأعناق هذه المنظمات ، هي في قبضة النظام التركي ، وأجهزة مخابراته ، ورئيسها “حقان فيدان”.

مصير “ادلب” على ضوء تفشي كورونا

ومع اطلاق الأمين العام للأمم المتحدة، (أنطونيو) غوتيريش، دعوته إلى «إسكات الأسلحة» في جميع أنحاء العالم، والتعاون الوثيق في مواجهة وباء “كورونا\ كوفيد- 19″، وكذلك دعوة المبعوث الأممي إلى سوريا ، غير (بيدرسون)، إلى وقف شامل لإطلاق النار في كل أنحاء البلاد – وفي مقدمتها “إدلب” – وتوحيد الجهود في مواجهة الوباء، الذي يهدد سوريا من كل جانب، فقد جاء (شهر آذار\مارس) الماضي، مسجلا أدنى حصيلة قتلى شهرية ، تخص المدنيين، منذ بدء الحرب قبل تسع سنوات في سوريا.

كان الرئيس التركي رجب أردوغان ، يحتفظ بـ”موقف آخر” ، يعد “معاكسا تماما” لذلك، ليرسخ، ويبعث على أعمق الشكوك في نواياه ، تجاه وقف إطلاق النار، الذي تعهد به ووقع الاتفاق حوله ، أمام الزعيم الروسي”بوتين”.

ففي ظل الأوضاع القاسية، التي يعيشها أهالي محافظة “ادلب” السورية ومحيطها الجغرافي ، يأتي انتشار وباء (كورونا) ، ليخلق وضعا أشد خطورة ، ثم يأتي ظهور الوباء – معلومات لم نستطع تأكيدها من مصادر مستقلة- بمناطق إدلب، الخاضعة لسيطرة تركيا والفصائل الموالية لها، ليخلق وضعا في غاية الجسامة.

ومع انشغال العالم بتفشي “كورونا”، وتداعياته الإنسانية والاقتصادية الفادحة، وفي نوع من “العبث الاجرامي” مع الفيروس التاجي\ كورونا ، يعمل (أردوغان) بوحشية ودون تقدير لارواح البشر على استغلال مايحصل ، لتطبيق ما يخطط له في “ادلب” بصورة مكشوفة، وذلك من خلال (فرض القتال) على الدولة السورية وجيشها في ظروف انسانية، بالغة التعقيد والتشابك.

ادلب

اذ، ان الوضع في “إدلب”، التي وفق تقارير ميدانية “غير حكومية”، ظهر فيها الوباء فعلا، وفي مخيمات اللاجئين على الحدود (السورية – التركية)، شديد الفظاعة ، حيث تعاني هذه المناطق ، نقصا فادحا في المرافق الصحية والكوادر الطبية المؤهلة ، وأيضا المياه الجارية ، وأدوات النظافة والتعقيم ، كما ويتكدس الناس بالعشرات بالخيام والغرف الصغيرة غير المجهزة ، وكل ذلك يرشح تلك المنطقة ، لأن تصبح بؤرة شديدة ، لتفشي الوباء، والموت بالجملة ، علما بأن “تركيا”، هي المسؤولة (قانونا) عن هذه المناطق، لأنها تقع تحت سيطرتها الفعلية.

وكان تم في الخامس من آذار\مارس الجاري ، التوقيع في موسكو على اتفاق لوقف إطلاق النار في محافظة “إدلب” السورية بين الرئيس التركي رجب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، حصلت موسكو بموجبه على تعهد من (أنقرة) بتطهير جميع المناطق الواقعة على طول الطريق السريع “إم فور- m4 ” وشماله ما بين (حلب واللاذقية) عبر “إدلب”.

ونص الاتفاق على تسيير دوريات روسية- تركية مشتركة على طول الطريق “إم فور m4 “ومحيطه، وبعد عرقلة الدوريات المُشتركة، سيّرت القوات التركية ،دوريات عسكرية بمفردها على طريق حلب- اللاذقية الدولي إم فور m4 في إدلب، حيث أعلنت موسكو، أنّ مسار الطريق “تم اختصاره بسبب استفزازات مخططة من قبل عصابات مسلحة متطرفة غير خاضعة لتركيا”.

ومنذ بدء الاتفاق، تشهد محافظة (إدلب)، هدوءاً نسبياً ، وسط خروقات محدودة، بينما تمكنت القوات الحكومية السورية من فتح طريق “إم فايف – m5” الدولي من دمشق إلى حلب ، مروراً بإدلب بشكل كامل، مسيطرة على 300 قرية خلال عمليتها العسكرية الضخمة.

ونجم عن اتفاق “إدلب” في موسكو ، إيقاف هجوم واسع للجيش السوري بدعم روسي ضد مناطق تسيطر عليها هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة – سابقاً) المدرجة على لائحة التظيمات الارهابية الاممية ، وفصائل مسلحة ، أقل نفوذا، وتنتشر نقاط مراقبة عسكرية تركية في (إدلب ومحيطها).

HGHS]

اعلام اردوغان يصوب على اتصال “آل نهيان – الاسد”

وفيما تحاول سوريا، الدولة المنهكة اقتصاديا ، الخروج من الحرب الطاحنة التي فرضت عليها ، والتي كان (أردوغان) نفسه ، أحد أبرز أذرعها،  والمشاركين فيها بالتحريض والدعم ، والمساهمة في القتل المباشر للسوريين عبر 4 عمليات عسكرية ، شنها الجيش التركي (شمال سوريا) منذ العام 2015.

جاءت الـ”مبادرة”، التي اتخذتها دولة الإمارات العربية المتحدة، باتصال (محمد) بن زايد آل نهيان ، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بالرئيس السوري بشار الأسد، مؤكدا له “دعم دولة الإمارات ومساعدتها للشعب السوري الشقيق، في هذه الظروف الاستثنائية، وأن سوريا لن تبقى وحدها في هذه الظروف الحرجة”. وهو ما اعتبرته أوساط سياسية سورية مستقلة ، موقفا له أهمية كبيرة ، يمثل (تطورا مهما) في العلاقات بين البلدين، بعد فتح سفارة الإمارات في دمشق 27 كانون أول\ ديسمبر 2018 .

ففي هذا البلد-سورية، تشير إحصاءاتها الرسمية (حتى تاريخ نشر هذا التقرير) إلى وجود (10 إصابات وحالتي وفاة)، أي أن هذه هي الحالات ، التي تم رصدها، وهو ما يؤكده موقع “مقياس العالم- worldmeter”، دون أن يعني ذلك،”نفي احتمال وجود حالات لم يتم اكتشافها الى الآن”، حيث تعاني الدولة السورية ، النقص الكبير في الإمكانات ، نتيجة لفترة الحرب الطويلة (أكثر من 9 سنوات)، وتدمير التنظيمات المسلحة الممولة “خليجيا” برعاية “تركية”، للمرافق الصحية وغير الصحية، والعقوبات الأمريكية القاسية ، وهو ما يجعل هذه الدولة ، محاطة بمخاطر شديدة ، إذا تسرب إليها الوباء.

على هذا الصعيد ، شن الإعلام التركي، التابع في غالبيته العظمى لـ”أردوغان”،هجوما حادا على درو دولة “الامارات” الانساني ، وأعربت معظم روافده “المقروءة المسموعة والمرئية” عن الاستياء من الاتصال الهاتفي ، الذي أجراه ولي عهد أبوظبي،نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، محمد بن زايد آل نهيان،منذ أيام، مع الرئيس السوري بشار الأسد، وتأكيده على أنّ “سوريا البلد العربي الشقيق لن يكون وحده في هذه الظروف الدقيقة والحرجة”.

وفي هذا السياق ، تحدثت وكالة أنباء “الأناضول” التركية الرسمية، لسان حال “حزب العدالة والتنمية” الإسلامي الحاكم ، الذي يرأسه أردوغان، في تقرير موسع لها، نشرته مؤخرا، بعنوان “الإمارات.. بين التقارب مع الأسد والشقاق مع تركيا”، عما أسمته تواصل العلاقات الإماراتية-السورية منذ العام 2011، متجاهلة أن الإمارات ، تعد إحدى أكبر الدول المانحة للمساعدات الإنسانية والتنموية للاجئين السوريين (داخل) سوريا و(الدول المحيطة)، إذ وصل إجمالي المساعدات الإماراتية، منذ بداية الصراع في سوريا إلى أكثر من 5 مليارات درهم إماراتي.

وزعمت وكالة الأنباء التركية الحكومية، أن “حكومة أبو ظبي تأمل أن ترى عودة سريعة لحكومة النظام السوري إلى الجامعة العربية، واستعادة دورها في المحيط العربي، لتشكيل ما يشبه جبهة مناهضة لتركيا ودورها الإقليمي.. قد تضم كلا من السعودية ومصر والبحرين إلى جانب سوريا، لتجاوز حالة الانقسام العربي في مواجهة تركيا”.

aa-genel-mudurluk-1280x640

وكالة أنباء “الأناضول”التركية

يشار هنا ، الى أن وكالة أنباء “الأناضول”، لا يمكن لها كتابة حرف واحد ، من دون موافقة (مستشاري) أردوغان و(استخباراته)، وبالتأكيد ، فإن مبادرة “أبوظبي”، اللافتة، لتقديم الدعم الإنساني، والتي حازت تقديرا (داخل وخارج) سوريا، كما في الداخل الإماراتي، لم تسلم من تفسيرات سياسية ، ذات أبعاد جغرافية، بالتزامن مع صعود أوراق جديدة على الصعيدين الإقليمي والدولي، خاصة وأن الكشف علنا عن الاتصال الهاتفي ، جاء تتويجا للتحوّلات الجذرية ، التي شهدتها العلاقات بين سوريا والإمارات، والانفتاح العربي عموما على دمشق، في العام الأخير بشكل خاص، الأمر الذي تم تفسيره أيضا على أنه “قرار” خليجي “نهائي” بعودة العلاقات مع سوريا ، وإعادة عضويتها لجامعة الدول العربية.

وسبق أن أكدت دولة الإمارات في مناسبات كثيرة على دور عربي في سورية ، (سواء) سياسيا أو أمنيا، مشيرة إلى أن قرار إعادة فتح السفارة في “دمشق” نهاية كانون أول\ ديسمبر العام 2018، إنما هو “لإعادة سورية إلى حضنها العربي”، وأعقب ذلك تبادل واسع لزيارات رجال الأعمال بين البلدين.