بمناسبة الحديث عن ذكرى : هدم “جدار برلين” .. وسقوط الاتحاد السوفيتي ، تحضر حقيقة أهمية القيادة للدولة ، لان القيادة القوية ، تستطيع استثمار جميع عوامل القوة ، بحيث تستمر دولتها بالتطور ، وبالحفاظ على مناعتها وحصانتها ، تجاه العوامل ، والاعداء من أي جهة جاؤوا.
يذكر الكاتب والمفكر محمد حسنين (هيكل) ، ان الاتحاد السوفيتي ، اعتمد مبدأ (البقاء للاضعف) ، بدلا من اعتاد (ابقاء الاقوياء) في نسيج الحزب والدولة ، حتى وجدنا أنفسنا امام قيادات من أمثال (غورباتشوف) ، الذي لايملك أي كفاءة في القيادة او الادارة ، ومنه انتقلنا الى (يلتسين) الذي لا يملك أي ذرة من الصحو او الادارة ، فسقط الاتحاد السوفيتي، ولم تفيده القوة النووية التي كان يملكها لحظة سقوطه . ان تفاهة وضعف يلتسين وغورباتشوف ، كانت أقوى مماكان يملك الاتحاد السوفيتي من القوة النووية لحظة سقوطه . كان يملك قوة نووية تستطيع تدمير العالم سبع مرات ، وسقط بتفاهة ، وضعف قادته.
في بناء الدول وفي عمران المؤسسات لاشيء يضمن القوة ، مثل اعتماد الاقوياء. والقوة هنا ، هي الكفاءة والقدرة ، المهارة ، الذكاء القيادي ، والوفاء الوطني.
وباعتماد مبدأ البقاء للاقوى ، واعتماد الاقوياء ، ترى هيكل الدول ، قويا في جميع مفاصله ، لان كل مفصل يشغله قوى مناسبة له ، وهذا مايضمن حصانة الدولة ، تجاه كل من يريد اضعافها ، كما يضمن قوة تماسكها تجاه كل من يريد تفكيكها ، ويضمن استمرار تطورها ، وتطور قوتها . اعتمادا فيزيولوجيا للقوة في كل مفصل من مفاصلها ، أما اعتماد الضعف والضعفاء ، فمثاله واضح ، سقوط دولة نووية عظمى ، كالاتحاد السوفيي..
تأكيدا لكل ذلك ، وصف الرئيس بوتين – قبل أسبوع – ماقام به غورباتشوف بـ(الحماقات) ، التي ضيعت حقوق الاتحاد السوفيتي وروسيا مع الغرب ، وتسبب بان تصبح الصوزاريخ الغربية على حدود دولته، ويبدو ان الرئيس بوتين اضطر للدبلوماسية ، فلم يقل عن غورباتشوزف أكثر من (أحمق يرتكب الحماقات) مع ان معنى من يضيع بلاده وحقوقها ، ليس أحمقا ، فحسب ، بل خائن ، ولو بالتفاهة ، وضعف الكفاءة .
وشهادة بوتين على أي حال ، شهادة عارف لدقائق ماجرى ، وللاسباب التي ادت الى انهيار تلك الامبراطورية العظمى ، ولابد ان نتعلم منها.
ان من يدققق في كلام بوتين عن (حماقة) غرباتشوف ، ومن يدرس معنى (ابقاء الضعفاء في مفاصل الدولة) ، لابد ان يستنتج ، ان أكبر عدو لأي دولة ، مهما عظمت ، هو اعتمادها على الضعفاء ، عديمي الكفاءة ، وابقاءها على التافهين المهلهلين في مفاصلها.
ذكرى سقوط جدار برلين ، والاتحاد السوفيتي ، درس من التاريخ الحي.