\خاص\
التجدد الاخباري -(اسطنبول +واشطن)
كشفت تقارير صحافية “تركية” عن احتمال عقد اتفاق بين (أنقرة) و(دمشق) بوساطة (روسية إيرانية) ،بشأن المنطقة الآمنة في (شمال سوريا)، وذلك لإخراج وحدات حماية الشعب الكردية منها.
وبحسب هذه التقارير، يبدو اتفاق المنطقة الآمنة ، مرضيا لجميع الأطراف على الرغم من استمرار الجدل حول “عمق وامتداد” هذه المنطقة، حيث أبدت أنقرة ارتياحها اتجاه ما تحقق بشأن المجال الجوي ، فيما ترى واشنطن ، أنها انتصرت عندما نجحت في منع تركيا من دخول منطقة (شرق الفرات)، والهجوم على الوحدات الكردية الحليفة لها.
وأيضا ، تضيف التقارير بأن الوحدات الكردية (ذاتها)، تشعر بالرضا لانتهاء الرهان على زوالها ، عقب زوال تهديد تنظيم “داعش” الإرهابي في سوريا.
-وفقا للمراقبين – فان ما يؤكد وجود تفاهمات سياسية ، تشمل كافة الأطراف، هو (برأيهم) أن تدخل القوات الحكومية السورية “فجأة” للريف الإدلبي ، بدون اتفاق (تركي روسي) واضح ، وعقد صفقة ومقايضة على غرار ما تم (سابقا) في مناطق أخرى.
وكانت مفاوضات وصفت بالـ(صعبة) ، أجراها “مجلس سوريا الديمقراطية” و”الإدارة الذاتية الكردية” مع الحكومة السورية في دمشق ، خلال كانون أول \ ديسمبر الماضي ، وكذلك مطلع العام الحالي، في أعقاب قرار الرئيس الأميركي دونالد (ترمب)، سحب قوات الولايات المتحدة من سوريا، إلا أن المفاوضات ، توقفت في أعقاب رفض الأكراد ما أسموه ، المطالب السورية بعودة الأوضاع شمال البلاد ، لما كانت عليه قبل العام 2011.

آكار
عمل قريب
بدوره، كان وزير الدفاع التركي خلوصي (آكار)، قد أعلن منذ أيام أن “مركز العمليات المشتركة” الأميركية التركية في سوريا ، سيبدأ العمل ، اعتبارا من الأسبوع المقبل، وقال (آكار) في شانلي أورفا (جنوب شرق) ، التي زارها مع رئيس الأركان ، لتفقّد القوات التي ستعمل في إطار هذا المركز، إن “مركز العمليات المشتركة سيعمل بكامل طاقته الأسبوع المقبل”.
كما أضاف، بحسب ما نقل عنه الموقع الإلكتروني لوزارته: “لقد توصّلنا إلى اتفاق عام حول التنسيق والسيطرة على المجال الجوي، وكذلك حول العديد من الموضوعات”. أيضاً تابع: “حتى الآن تم الالتزام بالجدول الزمني المحدّد (مع واشنطن)، ونتوقع أن يستمر الأمر على هذا المنوال”.
مركز عمليات مشترك
ومنذ يوم (الاثنين)، يعمل وفد أمريكي في “شانلي أورفا” على إنشاء هذا المركز،وبموجب اتفاق تم التوصل إليه الأسبوع الماضي بين (أنقرة وواشنطن) في ختام جولة من اللقاءات والمفاوضات ، فإن “مركز العمليات المشترك” هذا ، يهدف إلى التحضير لإقامة منطقة آمنة في (شمال سوريا).
أمّا الهدف ، فهو إنشاء منطقة عازلة بين الحدود التركية ، والمناطق التي تسيطر عليها “وحدات حماية الشعب” الكردية، القوات المدعومة من واشنطن ، والتي تعتبرها أنقرة “منظمة إرهابية”، حيث أقام الأكراد السوريون ، الذين لعبوا دوراً رئيسياً في الحرب ضد تنظيم “داعش” ، منطقة تتمتع بحكم ذاتي في شمال (شرق سوريا).
لكن مع انتهاء الحرب ضد “داعش” ، أثار احتمال انسحاب الجيش الأمريكي ، مخاوف الأكراد من هجوم تركي، تلوح به أنقرة منذ فترة طويلة ، أما تركيا فقد نفذت حتى الآن (عمليتين عسكريتين) عبر الحدود في سوريا عامي (2016 و2018)، وشهدت العملية الثانية دخول القوات التركية ، ومقاتلين سوريين معارضين للدولة الشرعية ، و(موالين لأنقرة)، جيب “عفرين” الكردي في الشمال الغربي ، بعد 58 يوما من صمود المدينة .
من “ناحية أخرى”، يلفت متابعون لمايحصل على الساحة السورية ، أنه يبقى اللاعب (الحاضر الغائب) في المستجد الميداني العسكري ، وتشابكات المشهد السياسي السوري ، هو “موسكو” ، التي لوحظ ان صوتها القوي ، وحضورها المكثف (كالعادة) في تطورات المسألة السورية ،منذ اندلاع الحرب فيها ، قد (خفت قليلا) ، خلال الفترة الماضية ، على الرغم من حساسية المرحلة ، وخاصة تجاه قضية “المنطقة الآمنة” على الحدود ، والتي جاءت حصيلة مشاورات ، واجتماعات عسكرية مباشرة (امريكية تركية) ، احتضنتها أنقرة.
تكتيك روسي
وفي هذا الاطار، تكشف “مصادر غربية” لموقع التجدد الاخباري، أن موسكو ، ربما (لا تعارض) هجوما عسكريا ، قد تشنه تركيا على التنظيمات الكردية في شمال (شرق سوريا)، وتضيف هذه المصادر ، أن موسكو ستسعى لاستغلال ذلك ، من أجل تحقيق مصالحة ، لطالما سعى اليها الكرملين، بين الحكومة السورية، وتلك التنظيمات (يطلق عليها “قسد” بالمناطق ذات الأغلبية العربية، وتسمى “وحدات الحماية” في المناطق ذات الأغلبية الكردية) .
وبحسب هذه المصادر ، فان الأساس المنطقي للموقف الروسي ، يبنى على التالي، هو :
“ان بدء العملية العسكرية التركية ، (قد) يفيد في أخذ الاحداث ومجرياتها هناك ، كما ترغب وتريد روسيا ، لأن الأمريكيين لن يكونوا قادرين على توفير غطاء لتلك التنظيمات ، بمجرد أن تبدأ تركيا الهجوم، الأمر الذي سيدفع قادة تلك التنظيمات إلى اللجوء لموسكو، وهو ماسيمكن روسيا من تهيئة الظروف ، من أجل التقارب بين هذه القوى والنظام الحاكم في سوريا”. اذ “إن العملية العسكرية التركية ، ربما تساعد في حل بعض القضايا ، فإذا ما هاجم الأتراك ، الأكراد (تنظيم “ي ب ك”)، فقد يجعل ذلك ، تلك التنظيمات أكثر مرونة ، فيما يتعلق بالتوصل إلى اتفاق مع دمشق”.
أيضا ، تشير ذات المصادر، إلى أن روسيا ، “ستكون مستعدة لتقديم ضمانات ، مقابل رحيل الولايات المتحدة ، واستعادة الحكومة المركزية بدمشق ، السيطرة الكاملة على سوريا، وهو موقف قائم – بحسب تلك المصادر – “على افتراض أن أي طرف لا يثق في الأميركيين”.
وفي قراءة التداعيات المتوقعة ، لمابعد حصول عملية عسكرية تركية ضد التنظيمات الكردية في شمال شرق سوريا ، ترى مصادر التجدد ” أن روسيا التي تسعى إلى توسيع تعاونها مع تركيا خارج سوريا، من غير المحتمل أن تمنع أنقرة عن شن هجوم جديد ، إذا قررت تركيا اتخاذ إجراء ، لكن الروس يتطلعون إلى دور وساطة (لاحق) وظاهر ، في حال استئناف القتال”.
وتطرح هذه المصادر ، التساؤل اللاحق : ان هناك مسألتين رئيسيتين مجهولتين: أولا، كيف ترى الولايات المتحدة دورها على الأرض في حالة حدوث توغل تركي؟ ثانيا، هل يستطيع “ي ب ك” ، ودمشق نسيان الماضي ، وإظهار أنهما يستطيعان التغلب على خلافاتهما ، وإبرام صفقة؟.
(موسكو – أنقرة) علاقة تكافلية
وكانت “جهات متابعة” لتطورات الشأن السوري وتعقيداته ، ذكرت لـ(موقع) التجدد الاخباري، أن روسيا برزت خلال مرحلة الحرب السورية ، بوصفها الشريك العسكري ، الأكثر موثوقية لتركيا في سوريا.
وأن موسكو صارت (اليوم) ، تمثل أفضل وسيلة لأنقرة ، يمكن من خلالها التأثير في تسوية الحل النهائي في سوريا، كذلك في الدستور السوري الجديد، ويمكن لهذين العنصرين ، منح أنقرة ، فرصة ، لإحباط طموحات الحكم الذاتي الكردي في (شمال) شرق البلاد.
ورجحت هذه الجهات ، ” أن تكون تركيا (حاليا- وحتى انتهاء الحكومة السورية من بسط سيطرتها على كامل ادلب) ، مضطرة للإشراف على استسلام المجموعات المسلحة ، التي تدعمها ، كجزء من أي اتفاق تسوية ، يتم التوصل إليه”.
خالصة إلى القول: “أدى هذا الواقع إلى ولادة علاقة تركية-روسية تكافلية يحتاج في إطارها الطرف الأول إلى الطرف الثاني من أجل تسوية النزاع”.