التجدد \ قسم الترجمة الخاصة

“ليبمان”بمقر POLITICO في أرلينغتون ، فرجينيا
توصلت الحكومة الأمريكية إلى نتيجة أن “إسرائيل”، كانت على الأرجح، وراء وضع أجهزة مراقبة الهواتف المحمولة، التى تم العثور عليها بالقرب من البيت الأبيض ، وغيرها من المواقع الحساسة فى جميع أنحاء واشنطن عام 2017، وفقا لثلاثة مسؤولين أمريكيين سابقين كبار ، كانوا على دراية بهذا الأمر.
لكن على عكس معظم الأحداث الأخرى ، التي تم فيها اكتشاف محاولات للتجسس الأجنبي على الأراضي الأمريكية، فإن إدارة ترمب ، لم توبخ الحكومة الإسرائيلية، ولم يفرض على إسرائيل أي عواقب، على حد قول أحد المسؤولين السابقين.
تحاكي أجهزة المراقبة المصغرة، المعروفة باسم «StingRays»، أبراج الاتصالات لتخدع الهواتف المحمولة ، وبذلك ترسل الهواتف ، مواقعها ومعلومات الهوية الخاصة بها ، لتلك الأجهزة المصغرة ، بدلا من أبراج الاتصالات. يطلق عليهم رسميا ، “صائدي هوية مشترك الهاتف المحمول الدولية”، أو IMSIــcatchers، ويمكنهم أيضا ، التقاط محتويات المكالمات ، والبيانات المستخدمة.
وقال أحد المسؤولين السابقين، إن الأجهزة كانت تهدف إلى التجسس على الرئيس دونالد ترمب، وكبار مساعديه والمقربين منه ، رغم أنه ليس من الواضح ، ما إذا كانت الجهود الإسرائيلية، نجحت في ذلك.
من المعروف عن ترمب ، أنه يتجاهل الأعراف الأمنية للبيت الأبيض ، وذكرت مجلة Politico في أيار\ مايو 2018 ، أن الرئيس في كثير من الأحيان،كان يستخدم خطوط هاتف غير مؤمنة للتواصل مع أصدقائه ومعارفه.كما ذكرت صحيفة الـ”نيويورك تايمز” في تشرين أول \ أكتوبر من نفس العام، أن الصين في كثير من الأحيان ، تتجسس على مكالمات الرئيس ترمب، وهذا دفع ترمب إلى تكذيب هذه القصة ، وأنه ليس لديه الوقت للرد عليها.
في ذلك الوقت، وكجزء من اختبارات الحكومة الفيدرالية، اكتشف المسؤولون في وزارة الأمن الداخلي، أدلة على وجود أجهزة مراقبة في جميع أنحاء العاصمة،لكنهم لم يتمكنوا من نسب الأجهزة إلى كيانات محددة.تبادل المسؤولون النتائج ، التي توصلوا إليها مع الوكالات الفيدرالية، وفقا لرسالة كتبها كريستوفر (كريبس)، مسؤول كبير في وزارة الأمن الداخلي، في أيار\مايو 2018 إلى السيناتور (رون) وايدن.
بناء على تحليل مفصل، تأكد مكتب التحقيقات الفيدرالي ، والوكالات الأخرى العاملة في القضية أن العملاء الإسرائيليين ، هم من وضعوا الأجهزة، ووفقا لمسؤولين كبار خدم العديد منهم في مناصب عليا في المخابرات والأمن القومي.
هذا التحليل، كما قال أحد المسؤولين السابقين، يقوم به عادة قسم مكافحة التجسس ، التابع لمكتب التحقيقات الفيدرالي ، ويتضمن فحص الأجهزة لمعرفة معلومات عنها، من أين أتت مكوناتها، وكم عمرها، من كان لديه إمكانية الوصول إليها، مما يساعد على معرفة أصلها. بالنسبة لهذه الأنواع من التحقيقات، يتجه المكتب “غالبا” إلى وكالة الأمن القومي، وأحيانًا تلعب وزارة الأمن الداخلي ، وجهاز الخدمة السرية ، دورًا مساندًا في هذه التحقيقات.
أنكر المتحدث باسم السفارة الإسرائيلية، العاد (ستروماير)، أن إسرائيل وضعت الأجهزة، وقال إن «هذه الادعاءات هراء. إسرائيل لا تجري عمليات تجسس في الولايات المتحدة». وقال مسؤول رفيع المستوى في إدارة ترمب ، إن الإدارة «لا تعلق على الأمور المتعلقة بالأمن أو المخابرات». ورفض مكتب التحقيقات الفيدرالي التعليق، بينما لم ترد وزارة الأمن الداخلي ، وجهاز الخدمة السرية على طلبات التعليق.

مبنى وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية الـ”سي آي ايه”
بعد انتشار هذه القصة، صرح ترامب بأنه يجد «من الصعب تصديق» أن الإسرائيليين وضعوا الأجهزة. وقال ترامب «لا أعتقد أن الإسرائيليين كانوا يتجسسون علينا… علاقتى مع إسرائيل عظيمة… أى شىء ممكن لكننى لا أصدق ذلك». كما نفى رئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين) نتنياهو ، أن إسرائيل كانت وراء هذه الأجهزة، وقال لجماعة من الصحفيين «لدي مبدأ توجيهي.. لا يوجد لدينا عمل استخباراتي في الولايات المتحدة، ولا جواسيس… إنه (مشيرا إلى التقرير) ملفق بالكامل».
لكن المسؤولين السابقين ، الذين يتمتعون بخبرة عميقة في التعامل مع مسائل الاستخبارات ، سخروا من الادعاءات الإسرائيلية، وبعد أن توصل مكتب التحقيقات الفيدرالي ، والوكالات الأخرى إلى أن الإسرائيليين ، هم المسؤولون عن وضع أجهزة التجسس، لم تتخذ إدارة ترمب، أي إجراء لمعاقبة ، أو حتى تأنيب الحكومة الإسرائيلية ، وقال أحد المسؤولين ، إن رد الفعل اختلف بشكل كبير عن إدارة أوباما ، وأن الإدارة الحالية لديها حسابات مختلفة حول معالجة هذا الأمر.
إلى جانب محاولة اعتراض المحادثات الخاصة لكبار المسئولين، تحاول الدول الأجنبية فى كثير من الأحيان التجسس أيضا على المقربين منهم. إلى جانب التجسس على ترامب، قد يشمل محاولة الاستماع إلى أجهزة الأشخاص الذين يتصل بهم بانتظام، مثل ستيف وين وشون هانيتى ورودى جوليانى… فالمعلومات التى يمكن الحصول عليها منهم ذات قيمة كبيرة وخاصة بالنسبة لحليف وثيق للولايات المتحدة مثل إسرائيل، التى تسعى غالبًا إلى التفوق فى مناورتها الدبلوماسية مع الولايات المتحدة.
وقال مسؤول استخباراتي سابق إن «الإسرائيليين عدوائيون جدا في عمليات جمع المعلومات الاستخباراتية… فهم يسعون إلى حماية أمن إسرائيل ويقومون بكل ما يتطلبه الأمر لتحقيق هذا الهدف». وبالتالي، وعلى الرغم من أن ترمب قد أقام علاقة قوية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي ، (بنيامين) نتنياهو ، وقام بخطوات سياسية عديدة في صالح الحكومة الإسرائيلية، مثل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس ، والخروج من الاتفاق النووي الإيراني وفرض عقوبات على إيران ، إلا أن إسرائيل أصبحت المشتبه به الرئيسي في زرع الأجهزة.
بينما كان ينظر إلى الصينيين، الذين كانوا يتم القبض عليهم في أحيان كثيرة ، أثناء قيامهم بعمليات استخباراتية في الولايات المتحدة، كمشتبه بهم محتملين، إلا أنه من غير المحتمل ، أن يكونوا قد وضعوا الأجهزة ، بناء على تحليل دقيق للأجهزة نفسها ، وكما ذكر مسؤول في المخابرات الأمريكية ، أنه من الممكن معرفة من وضع الأجهزة من خلال معرفة من كان يقوم بالولوج إلى الأجهزة ، لسحب البيانات منها.
واشنطن مليئة بأجهزة المراقبة، ومحاولات الكيانات الأجنبية التجسس على مسؤولي الإدارة ، وغيرهم من الشخصيات السياسية البارزة منتشرة إلى حد كبير… لكن ليس لدى العديد من الدول القدرة ، أو الميزانية على زرع الأجهزة الموجودة في هذا الحادث الأخير، وهذا سبب آخر للتشكك في (إسرائيل).
IMSIــcatchers ، التي تستخدمها في كثير من الأحيان الشرطة المحلية للتجسس على المجرمين من الممكن أن يتم صناعتها من قبل هواة ، أو شركة Harris، وهي الشركة المصنعة لأجهزة المراقبة المصغرة ، أو المعروفة باسم StingRays، التي تكلف أكثر من 150، 000 دولار لكل منها ، وفقا لـ Vice news.
من المعروف بين المتخصصين ، أن أجهزة المخابرات الإسرائيلية ، تتمتع بسمعة مخيفة ، لكنهم يرتكبون أخطاء في بعض الأحيان، ففي 2010 ، تم فضح عملاء سريين للموساد ، عندما صورتهم كاميرات فندق في “دبي”، متنكرين في زي لاعبي تنس ، وقاموا باغتيال عضو كبير بحركة حماس.
ومع ذلك، يتفاجأ المسؤولون الأمريكيون بتجسس إسرائيل عليهم ، وذكر أحد المسؤولين الحكوميين السابقين في الولايات المتحدة ، قلقه المتكرر ، بأن إسرائيل كانت على علم بمداولات السياسة الأمريكية الداخلية ،التي كان من المفترض أن تبقى سرية ، ففي كثير من الأحيان كان المسؤولون الإسرائيليون ،يرددون عبارات أو خطب أو أفكار لم يتم التحدث عنها للعامة، فكان نوعا من معرفة الطريقة التي يفكر بها الأمريكيون.
فعلى سبيل المثال، عندما كانت إدارة أوباما تحاول بدء مفاوضات مع الفلسطينيين، سعى الإسرائيليون للحصول على معرفة مسبقة للطريقة ، التي سيتم بها إدارة الحوار ، فاهتموا بمعرفة ما يفكر فيه أوباما ، أو وزير الخارجية جون (كيري)، أو أي شخص آخر ، حتى يستطيعوا ممارسة الضغط من أجل طرح الأفكار ، التي يفضلونها ، وإزاحة ما لا يفضلونه، ومن ثم تحقيق مصلحتهم.
على الصعيد الآخر، يلاحظ المسؤولون الإسرائيليون في محادثات مع نظرائهم الأمريكيين، أن الولايات المتحدة تجمع المعلومات الاستخباراتية بانتظام عن القادة الإسرائيليين ، وفيما يتعلق بتجسس إسرائيل الأخير على البيت الأبيض، اعترف أحد كبار مسؤولي الاستخبارات السابقين في الولايات المتحدة ، بأنه أثار مخاوف أمنية، لكنه قال مازحا، «من ناحية أخرى، خمنوا ما نفعله في تل أبيب؟».
https://www.politico.com/story/2019/09/12/israel-white-house-spying-devices-1491351
دانيال ليبمان، هو مراسل لتغطية أخبار (البيت الأبيض) و (واشنطن) لصالح POLITICO. كان سابقًا، مؤلفًا مشاركًا لكتاب قواعد اللعبة في POLITICO.
قبل الانضمام إلى بوليتيكو \ POLITICO ، كان مراسلا لصحيفة “وول ستريت جورنال” في نيويورك. سافر إلى الحدود التركية السورية لتغطية تأثير “الحرب السورية”، لصالح “The Huffington Post “، و “CNN.com”.