aren

هذا ماحصل في غرفة القرار: إدارة ترمب.. وتفاصيل “اجتماع الطابق السفلي” يوم الضربة الإيرانية
الخميس - 9 - يناير - 2020

F311363F-D39A-4AF9-87C7-715CF0ECBAB2_w1023_r1_s

التجدد الاخباري – مكتب واشنطن

كشفت صحيفة الـ”نيويورك تايمز” في تقرير لها ، عن تفاصيل الساعات الاخيرة – قبيل الهجمات الصاروخية الايرانية (الثلاثاء الماضي) ، حيث كان الرئيس دونالد ترمب ، وكبار مساعديه ، يدرسون كيفية التعامل مع “هجوم إيراني محتمل” ، بعد أن وصلتهم تحذيرات استخباراتية في ذلك اليوم من أن طهران ، ستنفذ عملية “على الأرجح” للانتقام لمقتل (قاسم سليماني).

التقرير ، استند إلى مقابلات مع مسؤولين أميركيين (حاليين وسابقين)، حول تعامل البيت الأبيض مع الأزمة ، أشارت إلى أن ترمب ونائب الرئيس مايك بنس ، ومستشار الأمن القومي روبرت أوبراين ، ومستشارين عسكريين ، عقدوا اجتماعا في “غرفة العمليات” بالطابق السفلي من البيت الأبيض قبل ساعات من الضربات الصاروخية ، التي أصابت قاعدتين في العراق ، تضمان قوات أمريكية.

البيت الأبيض، بحسب الصحيفة، كان قد تلقى تحذيرات من وكالات الاستخبارات (الثلاثاء) بشأن هجمات إيرانية محتملة ضد أهداف أمريكية في الشرق الأوسط، من بينها قيام ميليشيات تابعة لإيران بمهاجمة قاعدة “عين الأسد”، وهو ما تحقق بالفعل.

الصحيفة الأمريكية ، ذكرت أن الاستخبارات الأمريكية ، كانت قد رصدت أنشطة عسكرية إيرانية قبل الهجوم، شملت نقل قاذفات صواريخ، ورصدت اتصالات قادة عسكريين إيرانيين ، تفيد بأن هجوما إيرانيا ، سيحدث الثلاثاء. ورغم ذلك فإنه حتى صباح ذلك اليوم، لم تكن المعلومات واضحة، لذلك تم الإبقاء على جدول أعمال الرئيس كما هو، وشمل ذلك مقابلة رئيس وزراء اليونان ، الذي التقى به أولا ، ثم التحق بـ(بنس وأوبراين)، اللذين ذهبا أولا إلى غرفة العمليات.

وقبل أن يلحق بهما ترمب، كان المسؤولان يديران النقاشات حول التعامل مع هذه التهديدات ،بينما كان ترمب الذي كان في الطابق الأعلى من البيت الرئاسي برفقة ضيفه ،محاطا بالصحفيين الذين سألوه عن تطورات الأزمة مع إيران، فقال لهم إن طهران “ستواجه عواقب وخيمة” في حال أقدمت على مهاجة أهداف أمريكية.

وبعد انتهاء الاجتماع بضيفه، وصل ترمب إلى غرفة العمليات ، حيث قام المستشارون العسكريون بطرح الخيارات المتاحة للرد على إيران في حال أقدمت على قتل أمريكيين.

كان من بين المجتمعين ، رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك مايلي، وكبير موظفي البيت الأبيض بالإنابة ميك مولفاني، وعبر الفيديو كونفرنس، حضرت مديرة وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) جينا هاسبل، التي أبلغت ترمب قبل مقتل سليماني ، أن التهديد الذي يمثله الرجل ، أكبر من التهديد الذي يمثله الرد الإيراني على مقتله، وفقا لمسؤولين أمريكيين حاليين وسابقين ، تحدثوا مع (نيويورك تايمز).

هاسبل ، كانت قد تنبأت بأن الرد الأكثر احتمالا لإيران على مقتله (سليماني) ، هو توجيه ضربة صاروخية ضد قواعد ، تضم قوات أمريكية، وهو ما حدث بالفعل بعد ظهر الثلاثاء.

وبحلول الساعة الخامسة والنصف – بتوقيت واشنطن، أي بعد حوالي ثلاث ساعات من بدء اجتماع ترمب بمساعديه، علم البنتاغون أن 16 صاروخا قصيري ومتوسطي المدى ، أطلقت من إيران ضد قاعدتين أمريكيتين، ووصل عدد منها إلى قاعدة (عين الأسد)، لكن لم تصب سوى أهدافا صغيرة، هي مروحية من طراز بلاك هوك، وطائرة استطلاع، وأجزاء من برج مراقبة، وفقا لمسؤول عسكري مطلع.

وبعد دقائق، ضربت صواريخ قاعدة جوية في أربيل، بشمال العراق، كانت مركزا لقوات التحالف ، وموظفي الخدمات اللوجستية وعناصر الاستخبارات خلال المعركة ضد داعش. هذه الضربة أيضا لم تسفر عن وقوع إصابات.

وأشار مسؤول عسكري أمريكي إلى أن قاعدة عين الأسد ، ليست في مجال أنظمة الدفاع الصاروخي “باتريوت”، التي تم نشرها في دول أخرى بالمنطقة ، أكثر عرضة للهجمات الإيرانية، وبالنظر إلى التهديدات الأخيرة التي طالت القاعدة، كان القادة العسكريون مستعدون لقيام بعملية إجلاء جزئي للقوات، بحسب نيويورك تايمز.

الصحيفة الأمريكية، ذكرت أن التحذيرات الاستخباراتية المبكرة، كان لها الفضل في عدم حدوث خسائر تذكر نتيجة القصف الإيراني، بعد أن سقطت هذه الصواريخ في أماكن لا تتواجد بها قوات أمريكية.

وقال ترمب ، إن السبب وراء قلة حجم الأضرار ، هو “الاحتياطات التي تم اتخاذها، وتوزيع القوات ونظام الإنذار المبكر الذي كان يعمل بشكل جيد للغاية”.

ورفض مسؤول عسكري أمريكي “رفيع” ، فكرة أن إيران قد تعمدت تجنب استهداف القوات الأمريكية بتوجيه ضرباتها إلى مناطق لا تتواجد فيها قوات في القاعدتين. ورغم ذلك، أكد مسؤولون أمريكيون أن قادة إيران ، أبدوا نوعا من “ضبط النفس” في التخطيط للضربات الصاروخية.

وقالت كيرستن فونتينروز، التي خدمت من قبل في مجلس الأمن القومي في إدارة ترمب: “إذا كان هذا هو كل الرد الإيراني، فهذا مؤشر كبير على وقف التصعيد”. الجدير بالذكر أن ترمب أعلن بعد الهجوم ، أن طهران “تخفف على ما يبدو من حدة موقفها” بعد الضربات الصاروخية.

وبعد انتهاء الهجمات، اتصل ترمب وبنس هاتفيا بقادة الكونغرس، وناقش مستشاروه معه ما إذا كان ينبغي أن يلقي خطابا للأمة، وعملوا على صياغته، وقام ترمب بإجراء عدة تعديلات عليه قبل أن يلقيه صباح الأربعاء.

 

ماذا حصل في غرفة قرار البيت الأبيض ؟

في سياق مواز، كشفت شبكة “سي إن إن” الأمريكية الاخبارية ، في تقرير مطول عن الساعات ، التي(سبقت وتلت) القصف الإيراني على القواعد العراقية ، التي تضم جنوداً امريكيين في قاعدتي “حرير” في أربيل و”عين الأسد” قرب الحدود السورية، والتي لم تسفر عن وقوع أي إصابات. وأشارت الشبكة الى أن الأقمار الصناعية للاستخبارات الأمريكية، كشفت قبل الضربة علامات على وجود حركة من إيران، مما يشير إلى أنها أطلقت للتو صواريخ باليستية قصيرة المدى.

أهمية هاتين القاعدتين؟

كانت الولايات المتحدة ، تدرك أن من المحتمل، حدوث هجوم وشيك، وذلك بفضل نصيحة من الحكومة العراقية. مع ذلك، وباستخدام معلومات من الأقمار الصناعية والطائرات الأمريكية في المنطقة – التي اعترضت الاتصالات الإيرانية – قررت الاستخبارات الأمريكية بسرعة ، أن قاعدتين في العراق ، هما الهدف، “عين الأسد وأربيل”.

في غضون دقائق، تم تحذير القوات المتمركزة هناك، كانوا بالفعل في حالة تأهب قصوى ، وسعوا إلى الوصول للمخابئ، وفقًا لمصدر مطلع تحدثت إليه الشبكة.

في الساعة 7:30 مساءً ، صدر الإعلان الرسمي: إيران أطلقت أكثر من عشرة صواريخ باليستية ضد القوات الأمريكية ، وقوات التحالف في العراق.

أثار كل ذلك ، أسئلة حول تعامل الإدارة مع الموقف، لذلك لم يتأخر الاجتماع في غرفة القرار حيث تجمع أصحاب القرار للبحث في الضربة، ومع الدقائق الأولى ، بدأت الرسائل بالوصول من إيران ، لتبدل الموقف من احتمال نشوب صراع دراماتيكي إلى فرصة جديدة للتراجع. مدعوما بالرسائل الواردة من إيران عبر قنوات، أكدت ان الأضرار ستكون محدودة.

وقال ترامب صباح الأربعاء: “يبدو أن إيران تتوقف، وهو أمر جيد لجميع الأطراف المعنية وشيء جيد للغاية بالنسبة للعالم”. وأشارت شبكة “سي إن إن” الى أن روايتها للأحداث ، تستند إلى مقابلات مع العشرات من مسؤولي إدارة ترمب ، والدبلوماسيين الأجانب، فضلاً عن الموظفين وكبار المشرعين.

20200108022217

إبلاغ المعنيين

في غضون ساعة واحدة من الإضرابات، تم إطلاع القادة في مجلس النواب عن الوضع، حيث كانت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي ، تناقش الوضع في إيران مع مجموعة من كبار الديمقراطيين عندما تم تسليمها مذكرة تتضمن أنباء عن هجوم صاروخي على قاعدة عسكرية أمريكية في العراق. وكان من بين الحاضرين النائب ، دان كيلدي، الذي أخبر شبكة “سي إن إن” أن بيلوسي ، أوقفت المناقشة لتنبيه أعضاء الوضع، وقالت: “صلوا”.

بعد فترة وجيزة، اتصلت بيلوسي بالهاتف مع نائب الرئيس مايك بينس، الذي أطلعها على الهجمات الإيرانية ، كما تلقى زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ ، تشاك شومر ، مكالمة هاتفية من (بينس) في نفس الوقت تقريبا ، وتم إطلاعه على الهجوم. في هذه الأثناء، كان قادة الحزب الجمهوري ، يتلقون معلومات مباشرة من الرئيس.

في البنتاغون، التقى وزير الدفاع مارك إسبر برؤساء الأركان المشتركة ، وكبار مسؤولي الدفاع بمجرد تلقيه المعلومات عن الهجوم، وبعد أقل من ساعة تواصل مكتب إسبر مع رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، الذي انتقد قبل أيام قليلة الغارة الأمريكية ، باعتباره “انتهاكا صارخا لشروط وجود القوات الأميركية في العراق”.

غرفة القرار

قبل الساعة 7:30 ، وصل بومبيو الى البيت الأبيض أولاً. وفي الطريق أشعل بومبيو ، الضوء في المقعد الخلفي لسيارته “كاديلاك سيدان” ، وكان يقرأ من هاتفين محمولين، بمجرد وصول السيارتين الأخريين، دخل (بومبيو وإسبر وميلي)، الجناح الغربي معا.

بعد وقت قليل، اجتمعت مجموعة من كبار المسؤولين في الإدارة في غرفة القرار، إلى جانب بنس وبومبيو وإسبر وميلي، وضمت المجموعة مستشار الأمن القومي ، روبرت أوبراين، القائم بأعمال مدير الاستخبارات القومية جوزيف ماجواير ، ورئيس الأركان بالإنابة ميك مولفاني. كان هناك مستشار البيت الأبيض ، بات سيبولون ، والسكرتير الصحفي ستيفاني غريشام، بينما التحقت مديرة وكالة الاستخبارات المركزية ،جينا هاسبل عبر الهاتف.

كان الهدف الأول ، هو تحديد ما إذا كان أي جندي أمريكي قد مات في الضربة. وقال سناتور تحدث إلى ترامب لـ CNN، إن الرئيس بدا مستعدًا لمهاجمة المنشآت الإيرانية ، لو كان هناك ضحية أمريكية واحدة. على الرغم من أن الأمر استغرق وقتًا طويلاً من الليل للتأكيد، إلا أن الأدلة المبكرة ، تشير إلى أنه لم تحدث أي وفيات.

هذا النقص في الإصابات ، غذى شعورًا بضبط النفس في الغرفة، وفقًا للمصادر. في حين تم إيلاء بعض الاهتمام للرد على إيران في تلك الليلة، وفقًا لمسؤول في البيت الأبيض، فقد تم اتخاذ القرار بالتأجيل حتى تأتي المزيد من المعلومات فيما يتعلق بنوايا إيران ، والظروف على أرض الواقع. وقال المصدر إن واحدة من ردود الفعل الأولية في الغرفة ، كانت مفاجأة ، لأن الإيرانيين أطلقوا صواريخ قليلة للغاية من ترسانتهم. هذا، إلى جانب توقع أن إيران ، ستضرب بشكل متكرر، ما خلق شعراً بضرورة الهدوء.

في غضون ساعات من الضربة، أوضح الرئيس أنه يريد إلقاء خطاب عام ، وبدأ في إملاء الخطوط العريضة لما ينبغي أن يبدو عليه، مع استمرار ترامب ومستشاريه في الاجتماع في قاعة القرار، بدأ المساعدون في وضع خطط عاجلة لإلقاء خطاب للأمة، بما في ذلك إعداد المكتب البيضاوي.

حوالي الساعة 9 مساءً، بدأ ترمب إجراء مكالمات مع العديد من المشرعين من الحزب الجمهوري، وفي الساعة 9:45 مساءً ، غرّد ترمب: “كل شيء على ما يرام! صواريخ أطلقت من إيران في قاعدتين عسكريتين في العراق. تقييم الخسائر والأضرار حتى الآن، جيد جدا! لدينا أقوى جيش ومجهز جيدا في أي مكان في العالم سأدلي ببيان صباح الغد”.

]

قنوات مع إيران

بدءًا من مساء الثلاثاء ، وحتى صباح الأربعاء، بدأت إيران الاتصال بالإدارة من خلال “ثلاث قنوات على الأقل”، بما في ذلك سويسرا ودول أخرى، وفقا لمسؤول كبير في الإدارة. كانت رسالة إيران واضحة: كان هذا هو ردهم الوحيد. سوف ينتظرون الآن ، ليروا ماذا ستفعل الولايات المتحدة.

كجزء من ردها، نقلت الولايات المتحدة ، أنها تدرك تمام أن إيران تسيطر على وكلاءها في المنطقة، بما في ذلك حزب الله. وقال المصدر لشبكة “سي إن إن” ، إن إيران حاولت التنصل منهم ، قائلين إنهم غير مسؤولين عن هؤلاء الوكلاء، لكن الولايات المتحدة ، أوضحت أنها لم تقتنع بتلك الحجة.

في حوالي الساعة الواحدة صباحا بتوقيت شرق الولايات المتحدة، جاء التقييم من ساحة المعركة: “لا إصابات”. بحلول صباح الأربعاء الباكر، اجتمعت الفريق مرة أخرى بالرئيس، الذي تم إطلاعه على آخر تقييم. وذلك عندما اتخذ ترمب القرار النهائي ، بأن الرد الأمريكي ، سيكون عقوبات.

ثم بدأ ترمب في إجراء تعديلاته الخاصة على مسودة الخطاب، وبينما احتشد الموظفين والصحفيين في ردهة البيت الأبيض المغطاة بالسجاد الأحمر، اصطف كبار مسؤولي الأمن القومي للرئيس بزيهم العسكري على جانبي المنصة، فتحت الأبواب الخشبية خلفهم ، وظهر ترمب وأدلى بخطابه.