aren

أي وثيقة سيوقع السيد أردوغان في المرة المقبلة؟ \\ بقلم : حسن نصر
الإثنين - 9 - مارس - 2020

لم يتسن للرئيس رجب طيب أردوغان في الكرملين عرض عضلاته، وبخاصة في ظل القواعد الجديدة، التي رسم معالمها الجيش السوري، مدعوما من القوات الروسية في منطقة إدلب.

الرسالة وصلت إلى الرئيس التركي قبل يومين من مجيئه إلى موسكو من وزارة الدفاع الروسية وكانت شديدة اللهجة واضحة المعالم. أصابع الاتهام وجُهت بشكل مباشر إلى الجانب التركي. إذ إن ما فعله الجيش السوري خلال أيام معدودة لم تفعله تركيا منذ توقيعها اتفاق سوتشي الشهير. ولذا لم يذهب بوتين إلى اسطنبول. أما تبرير الرئيس أردوغان ذلك بانشغال الرئيس الروسي بالتعديلات الدستورية، فلم يكن إلا لحفظ ماء وجهه أمام الشعب التركي.

اردوغان

بيد أن تعزية الرئيس بوتين بمقتل الجنود الأتراك لم ترق كثيرا الرئيس أردوغان، الذي ربما أراد أكثر من ذلك، لكن بوتين كان واضحا بأن مقتل الناس بحد ذاته مأساة كبيرة، وأن الجيش السوري تكبد خلال العمليات العسكرية الأخيرة خسائر كثيرة، لذلك كرر ما قاله سابقا من أنَّ لا أحد كان يعرف بوجود الجنود الأتراك في المكان المستهدف.

بوتين ذهب بكلامه أبعد من ذلك، مذكرا بأن الوضع في إدلب أصبح على حافة الهاوية بسبب انتهاكات الجماعات الإرهابية لكل التوافقات السابقة مع القيادة التركية (التي لم تستطع فعل شيء، أو أنها لم تشأ فعل شيء لتغيير الوضع على الأرض، وروسيا على بينة من ذلك). ولهذا أكد بوتين لنظيره التركي ضرورة إيجاد حل سريع لكيلا يحدث انفجار في العلاقات الروسية-التركية، التي تثمنها موسكو، ويُعتقد أن أنقرة تقاسمها المشاعر نفسها. أي أن كلام الرئيس بوتين كان واضحا بأن موسكو لن تساوم على المعادلات الجديدة التي رسمها الجيش السوري على الأرض في منطقة إدلب.

ست ساعات، قضى نصفها بوتين وأردوغان وجها لوجه. والنتيجة كانت إقرار الرئيس أردوغان بالوضع الجديد، بما في ذلك سيطرة الجيش السوري على الطريقين الدوليين “إم 5″ و”إم 4”.

ثم انتهت القمة الروسية-التركية التي أجهضت عملية “درع الربيع” بعد توقيع الرئيس أردوغان اتفاقا بوقف شامل لإطلاق النار، وإقراره بخطوط تماس جديدة، تاركا نقاط الرقابة التابعة له محاصرة من الجيش السوري.

الأمر الوحيد الذي أبقى أردوغان إزاءه الأبواب مشرعة هو مسألة اللاجئين التي ستبقى موضوعا للمقايضة مع الأوروبيين كلما وجد نفسه محشورا في الزاوية.

يغادر أردوغان موسكو كما قدم إليها من دون ابتسامة تذكر على وجهه، حاملا معه أحلام عملية “درع الربيع” الخائبة، التي لم تمنحه نشوة نصر كان ينتظره بإعادة الجيش السوري إلى الخلف. ولهذا فهو يستعد لجولة مقبلة في معاركه السياسية والعسكرية ينكث فيها كل تعهداته التي قطعها على نفسه في موسكو، وتنتهي بتوقع وثيقة جديدة أخرى تثبِّت سيادة السوريين على أراضيهم.

هذه المقالة تعبر عن رأي صاحبها