aren

أفغانستان: «تهديدات» بايدن لم تردع طالبان.. أين من هناك؟\\ كتابة : د. محمد خروب
الإثنين - 16 - أغسطس - 2021

لم تُغير تهديدات الرئيس بايدن برفع عديد قواته التي ستتولى ترحيل دبلوماسيي وموظفي السفارة الأميركية في كابول إلى عشرين ألفاً وليس مجرّد خمسة آلاف بعدما كان حدّدها بثلاثة آلاف كثيرا في موازين القوى الميدانية بين طالبان وحكومة أشرف غني المتهاوية, كون الهزيمة المدويّة التي لحقت بالجيش الأميركي (أضِف قوات حلف شمال الأطلسي التي تمّ الزجّ بها خارج إطار المهام المحدّدة إليها في ميثاق الناتو)، قد باتت جزءاً من التاريخ الأميركي الذي يضمّ أيضاً وقائع ويوميات المغامرة الأميركية في فييتنام, وخصوصاً غزو العراق وسلسلة لا تنتهي من المهمات العدوانية التي نهضت بها الإمبراطورية الأميركية, في محاولة محمومة لتكريس الهيمنة الأميركية على بقاع شاسعة من المعمورة عبر نشر وإقامة قواعد عسكرية جوية/بحرية/برِية, على نحو يكلِّف دافعي الضرائب الأميركيين تريليونات الدولارات تحت مزاعم المحافظة على الأمن القومي الأميركي, الذي بَرعَ تحالف المجمع الصناعي/العسكري مع أباطرة البنوك وشركات النفط العالمية ورهط الأكاديميين ومراكز البحث والفكر في إيجاد تبريرات له، ومحاصرة كل دعاة السلام والحوار والتأسيس لعالم متعدد الأقطاب, بعد أن لم يعد خافٍ على أحد أن التفرّد الأميركي بقيادة العالم بات من الماضي ,وأنّ القرن الأميركي الذي تمّ الترويج له (القرن 21) كان مُجرّد خرافة.

حرب أفغانستان التي قيل أميركياً إنّها «حرب الضرورة”, فيما اعتبر أصحاب هذا الرأي أنّ غزو العراق كان حرب خيار، بمعنى أنه لم يكن ضرورياً بعد كل ما لحق بالعسكرية الأميركية من عار وهزائم وارتكابات ترتقي إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية/فضائح معسكر أبو غريب.. لم يمنح –غزو أفغانستان- واشنطن أي انتصار, تستطيع بموجبه الزعم بأنّها «انتقمت» لضحايا هجمات 11 أيلول 2001، رغم أننا بتنا نسمع اليوم على أعتاب الهزيمة الأميركية في أفغانستان, أنّ الهدف «تحقّق» بعد تصفية أسامة بن لادن، وتراجِع تهديد تنظيم القاعدة وخصوصاً تعهّد طالبان (في الاتفاقية التي وقعّتها مع إدارة ترمب/بومبيو) بعدم استضافة أو دعم أي تنظيمات «إرهابية» تعرِّض مصالح أميركا للخطر.

فإذا كان الأمر كذلك، -وهو ليس كذلك- فلماذا واصلت الإدارات الأميركية المتعاقبة حربها العبثية وخصوصاً إدارة أوباما/بايدن التي تمّ في عهدها تصفية أسامة بن لادن/2 أيار 2011 على نحو اضطرت فيها إلى الجلوس مع الحركة الإرهابية المسماة طالبان, حيث أطاحت الغزو الأميركي/تشرين الأول 2001 «إمارتها”, وجاءت بـ”دمى» أجلستهم في القصر الرئاسي وراحت تروّج لخزعبلات لا سند لها على أرض الواقع, من قبيل تحرير ومشاركة المرأة الأفغانية ومُحاربة زراعة الأفيون/والحشيش الذي ارتفع إنتاجه عشرات المرّات عمّا كان عليه قبل الغزو. في وقت راحت فيه طالبان تستعيد تماسكها وترتيب صفوفها وتسيطر على المزيد من الأراضي وتكشِف –ضمن أمور أخرى- مدى هشاشة الجيش الحكومي الذي سهر عليه المدربون الأميركيون/والأطالسة وزودوه بأحدث أنواع الأسلحة والطائرات المقاتلة والتدريب العالي, فإذا به ينهار أمام آلاف محدودة من لابسي العمائم راكبي الدراجات الهوائية والنّارية، وتتهاوى ولايات ومحافظات وينضم إليهم طيّارو وضبّاط أشرف غني, الذي استعان بمجرم حرب وإرهابي محترف اسمه عبد الرشيد دوستم, لمنع سقوط مدينة مزار الشريف ذات الموقع الاستراتيجي, فإذا بطالبان تقتحم معقله ويجلس أفرادها في قصره الباذخ.

 إلى أن يعلن الرئيس بايدن إتمام سحب دبلوماسيي وموظفي سفارته في كابول، يحضر الآن سؤال مهم مرتبط بـ”صفقة» كانت تنتظر التوقيع بينه وبين نظيره التركي أردوغان, تتولى قوات الأخير (الأطلسية) مهمة حماية وإدارة مطار كابول. فهل ما يزال أردوغان يُمنّي نفسه بجني «عوائد» اتفاقه مع بايدن؟.. إن على مستوى إعادة الدفء لعلاقاته مع إدارة بايدن المُنتقِدة سجله في حقوق الإنسان؟ أم لجهة توسيع المجال الحيوي لمشروعه العثماني بالتمدّد في جمهوريات آسيا الوسطى.. طاجكستان، وأوزبكستان وتركمانستان المحاذية لحدود أفغانستان الشمالية؟ الأيام بل الساعات القليلة المُقبلة حافلة بالمفاجآت، خصوصاً عندما تُحاصِر طالبان كابول رافِضة «عرْض» أشرف غني.. «اقتسام» السلطة, بعد أن لم يعُد يملك القدرة على حماية نفسه.

“الرأي”الأردنية