مصادر خاصة لـ”التجدد الاخباري “
ادارة ترمب تتجه خلال الشهرين المقبلين للاستثمار في اللجنة الدستورية.. وإذا لم تكمّل اللجنة عملها قبل موسم الانتخابات الرئاسية السورية … فان البيت الابيض ودولا اوروبية سيكونون على استعداد للمطالبة بحل اللجنة.
خبراء ديبلوماسيون
“اللجنة الدستورية” ليست من أجل حل النزاع الدائر عبر الحلول القانونية بل لفتح نقاش سياسي بين السوريين… و”الدستور السوري الجديد”، خطوة أولى في عملية طويلة.
أجهزة استخبارية أطلسية لـ”التجدد” :
سيناريوهات غربية “معدة” من داخل هيئات منظمة الامم المتحدة ، للقيام بـ”عملية دستورية وانتخابية شفافة في سوريا”.
دعم فكرة مقترح تشكيل اللجنة الدستورية تحت الرعاية الكاملة للأمم المتحدة “يعزى ذلك إلى حد كبير إلى قبول الحكومة السورية بها” لتصبح بذلك هي الحالة الوحيدة، التي تنخرط فيها دمشق في مفاوضات بشأن أي موضوع منذ عام 2011.
(خاص)
التجدد الاخباري -مكتب (بيروت+واشنطن)
بالتعاون مع رئيس التحرير (رائف مرعي)
في منتصف شهر أيار \مايو الفائت ،كان أعلن المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، (غير) بيدرسون، أن اللجنة الدستورية السورية ، التي أنشئت في أيلول/سبتمبر 2019 ، تستطيع عقد اجتماعها المقبل، حالما تسمح بذلك الظروف المتعلقة بالوباء العالمي، الذي يسببه فيروس كورونا.
إعداد غير شفاف وأهداف غير واضحة
وعلى الرغم من أن اللجنة الدستورية ، كانت قائمة على “تفاهم ضمني”، بأنها ستعمل على تنشيط العملية السياسية السورية ،المنصوص عليها في القرار 2254، إلا أن أطرافا مشاركة في النزاع السوريا ، ماطلوا ثمانية عشر شهرا، حتى الموافقة على تشكيلتها. ليتم التوصل إلى حل وسط “مبهم” بشأن ثلاث فئات من الممثلين، هي: خمسون ممثلاً من الحكومة ، وخمسون من المعارضة، وخمسون من المجتمع المدني السوري، علماً بأن أفراد هذه الفئة الأخيرة ، هم في الظاهر مرشحون من الأمم المتحدة ، ولكن بمعظمهم مفروضون إلى حد كبير من قبل “موسكو وأنقرة”.
– حتى الآن- من غير الواضح ، الهدف الرئيسي العام للجنة: هل تهدف إلى إصدار دستور جديد، أم مجرد الاكتفاء بتعديل الدستور الحالي؟ وما هي الآلية التي ستستعين بها للمصادقة على الميثاق الجديد: أهي استفتاء عام أو تصويت في البرلمان؟ وإذا كان الأخير هو الجواب، فهل سيتم انتخاب برلمان جديد قبل التصويت على الدستور؟
بحلول تشرين الثاني/نوفمبر 2019، وبعد عقد اجتماعين للجنة الدستورية، ركز ممثلو وفد الحكومة ، محور المحاثات على محاربة “الارهاب” للمناقشة، كقضية جوهرية، وفيما رفضت (دمشق)، مناقشة أي مسألة مرتبطة بالإشراف على الجيش، معتبرة هذا الأمر ،”خطاً أحمر”، فقد ألمح بالآونة الأخيرة، (بيدرسون) إلى أنه تم إيجاد ترتيبات جديدة لاستئناف المحادثات الجوهرية، ولكن الوباء العالمي منع الأطراف المعنية من تحديد موعد اجتماع جديد.
اللجنة الدستورية كـ”مفتاح نقاش سياسي”!
خبراء ديبلوماسيون، اوضحوا لـ”موقع التجدد الاخباري”، انه لم يتم تصميم هذه الآلية الضيقة “اللجنة الدستورية” من أجل حل النزاع الدائر منذ سنوات عبر الحلول القانونية، بل لفتح نقاش سياسي بين السوريين. وبحسب رؤية هؤلاء الخبراء، فان “الدستور السوري الجديد”، والمصاغ بوساطة شرعية ،لن يمثل، سوى الخطوة الأولى في عملية طويلة، وان هذا الميثاق بمفرده ، لن ينهي الازمة السورية، ولن يحقق عودة اللاجئين الى ديارهم.
وفي الواقع ، كان العمل على وضع دستور جديد في محور النقاشات، التي دارت بين الولايات المتحدة وروسيا – آذار/مارس 2015. وبعد شهرين من ذلك التاريخ، قدمت موسكو ، المسودة الأولى من الدستور ، والتي تم رفضها بشكل قاطع من قبل جميع أطراف المعارضة السورية.
في كانون الثاني/يناير 2017، قوبلت المسودة الثانية برد مماثل. ومع ذلك، اقترح المسؤولون الروس في أيار/مايو 2017 ، عقد “مؤتمر مصالحة وطنية” في سوتشي، ثم ساهموا باختيار الفصائل السورية ، التي ستتم دعوتها لمناقشة الدستور الجديد خلال المؤتمر. وبحلول نهاية ذلك العام، كان الإصلاح الدستوري ، أحد المقومات الجوهرية في مذكرة “دانانغ” المشتركة بين الرئيسَين (بوتين و ترمب).
وبالتالي -وفق التقديرات الجدية- فان خطوة “الإصلاح الدستوري” في سورية ، اكتسبت زخما ، لأنها كانت احدى المواضيع القليلة ، التي أبدت الدبلوماسية الروسية ، اهتماما بها. ويبدو أن موسكو كانت ولا تزال تنظر إلى الإصلاح الدستوري ، كإطار عمل مرن ، لإطلاق عملية دبلوماسية دولية ، ولجم الانتقاد المستمر والدائم لدورها في الازمة السورية بالغرب مع الحفاظ على نهجها السياسي، وكذلك الحد من نطاق ما قد يتضمنه “التغيير” في سوريا بنهاية المطاف. وهذا ما كشفه تحرك (الكرملين)، على صعيد صرف مفاعيل قرار مجلس الأمن رقم 2254 ، الداعي إلى قيام عملية سياسية ، اذ عملت روسيا، تدريجياً على تخفيف النقاش ، وحصره وحده ببند “دستور جديد”.
سيناريوهات أممية لـ”سورية” في اعقاب الدستورية
بالمقابل ، تكشف أجهزة “استخبارية اطلسية”، لموقع التجدد، أنه ثمة سيناريوهات غربية “معدة” من داخل هيئات منظمة الامم المتحدة ، للقيام بـ”عملية دستورية وانتخابية شفافة في سوريا”، من خلال تفعيل الأجهزة والمؤسسات المختصة داخل المنظمة الاممية ، الخطوات التي يمكن أن تلي نجاح عمل اللجنة الدستورية، مثل : (تصميم آلية رقابة قوية على الانتخابات الرئاسية، وإعداد خيارات تصويت آمنة وحيادية للمغتربين).
وتشمل تلك التوجهات\السيناريوهات، دفع الولايات المتحدة وأوروبا ، لبذل جهود مصممة بعناية وإتقان في هذا المجال، (أو على الأقل) “منع روسيا من إعطاء صورة مزيفة عن عملية غير مشروعة”.
اضافة الى تفعيل جهود الولايات المتحدة و(حلفائها) لبذل المزيد من الضغوط والانخراط داخل اطار عمل اللجنة الدستورية ، بهدف حرمان (موسكو) حليف الدولة السورية ، من حرية استثمار العملية الدستورية ، كـ”وسيلة لتأهيل وتطبيع” نظام الأسد دوليا.
وفي ملمح تفسير الكلام الدائم للأطراف الفاعلة الدولية ، لجهة حث السوريين على الاهتمام بالقضايا التي يجب عليهم اتخاذ القرارات بشأنها بأنفسهم (أي المبادئ الدستورية، وإصلاح مؤسسات الدولة ،…) ترى أوساط اوروبية مواكبة ، أن هذه الأطراف، من كلا المقلبَين : الموالي لحكومة الأسد والمعارض له، تدرك جيدا أن طريقة فهمها لهذه الأمور ، تختلف فيما بينها.
وتضيف الاوساط ذاتها “مع ذلك، اعتبر المسؤولون الغربيون أنه من المفيد الحفاظ على هذا الغموض في الوقت الحالي كمحطة على الطريق المؤدي إلى المزيد من المناقشات المفصلة، فـ(الغموض البناء)، قد يسهل (أحيانا) ، التقدم بشأن العناصر ، الأقل حساسية من العملية السياسية”.
ووفق تفسيرات هذه الاوساط ، لمواقف الجهات المنخرطة في الصراع السوري بداية ، تجاه مقترح تشكيل اللجنة الدستورية ، فانه “عندما اقترحت روسيا وتركيا وإيران تشكيل لجنة دستورية خلال مؤتمر سوتشي كانون الثاني/يناير 2018، تم قبول الفكرة لاحقا من قبل “المجموعة الصغيرة”- (بريطانيا ومصر وفرنسا وألمانيا والأردن والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة)- شريطة أن تبقى تحت الرعاية الكاملة للأمم المتحدة، وأظهرت هذه المجموعة ، تجاوبا مع العملية.
وتؤكد تلك الاوساط ، انه “يعزى ذلك إلى حد كبير إلى قبول نظام الأسد بها”، لتصبح بذلك، هي الحالة الوحيدة، التي تنخرط فيها دمشق في مفاوضات بشأن أي موضوع منذ عام 2011. وترى هذه الاوساط “أن هذا الاقتراح، منح دمشق وداعميها،الوقت الكافي لاستعادة الأراضي في مختلف أنحاء سوريا (نفس الديناميكية التي نشهدها اليوم في إدلب)، وفي الوقت نفسه إحباط الضغوط التي تمارس على الاسد قبل الانتخابات الرئاسية في البلاد عام 2021.
من جهتها، اعتبرت (أوروبا وتركيا والأمم المتحدة والولايات المتحدة)، اللجنة بمثابة “مفتاح” ، يتيح لها إعادة المعارضة السورية إلى المسار السليم ، وبناء الثقة دون مناقشة المصير الشخصي للرئيس “بشار الأسد”.
خيارات موضوعة على طاولة ترمب
“مصادر خاصة” لموقع التجدد الاخباري في العاصمة واشنطن، ذكرت ان لدى مؤدلجي ادارة ترمب “تصور محدد” وواضح حول اداء الحكومة السورية من التعامل مع اللجنة وآلية عملها، وهو يتمثل بتأجيل استحقاقات عمل اللجنة ومقرراتها لفترة كافية إلى حين قيام مؤسسات الدولة بإجراء الانتخابات الرئاسية لعام 2021 بموجب الدستور الحالي ، واعلان (انتصار الاسد بها).
وتكشف هذه المصادر ، انه “لا يزال من غير الواضح لدى البيت الابيض إلى أي مدى ستكون (روسيا)، مستعدة لاستخدام أسلوب الترهيب والترغيب لإقناع دمشق بضرورة المشاركة في أي محادثات مشروعة ومباشرة مع الطرف المقابل.وبحسب المصادر ذاتها ، “لذلك، من الضروري بشكل طارئ أن تتخذ واشنطن وحلفاؤها قرارا حاسما بشأن اللجنة الدستورية، لجهة الاستثمار فيها، أو إنهائه (إذا لزم الأمر)”.
جهات متابعة على هذا الصعيد ، كشفت لـ”التجدد”، ان ادارة ترمب التي أظهرت حزما أقل في الانخراط بمسألة اللجنة الدستورية السورية، تضع أمامها و”بشكل طارئ” وحاسم ، خيارات مقابلة ، محددة زمنيا خلال (الشهرين المقبلين) ، وهي :
أولاً ، دعمها (اللجنة) وإعطائها فرصة حقيقية للنجاح، أو(إنهاؤها) إذا لم تحقق الهدف الذي أُنشأت من أجله.
ثانيا ، فرض عقوبات إضافية على دمشق ، ربط هذه الاجراءات بكل حالة من حالات العرقلة من قبل وفد الحكومة السورية.
ثالثا ، تقديم الدعم التقني والمالي لممثلي اللجنة من المعارضة والمجتمع المدني.
رابعا ، إجراء نوع من التشاور الأوسع مع الجالية السورية في الخارج (اوروبا – تركيا – الولايات المتحدة) والاقرب الى المعارضة ومكوناتها ، للتعويض عن نقص الشفافية في عملية تعيين أعضاء اللجنة.
خامسا ، توفير أطر [تآزرية] للسوريين خارج سوريا ، للتعبير عن آرائهم بشأن الإصلاح الدستوري.
وترى هذه الجهات،ان تلك الخطوات،من شأنها أن تضع الكرة بحزم في ملعب روسيا،مما يجبرها على دفع دمشق إلى المساهمة في صياغة مسودة دستورية جادة. وإذا لم تكمّل اللجنة ، عملها قبل موسم الانتخابات بوقت طويل في عام 2021، فان الاعتقاد الراجح لدى تلك الجهات، هو أن المسؤولين الأمريكيين والأوروبيين ، سيكونون على استعداد للمطالبة بحل اللجنة.