التجدد الاخباري
نشرت صحيفة الـ“فايننشال تايمز” مقالا لمراسلتها “تشولي كورنيس” عن أثر الإضطرابات الحالية في لبنان على الحرب في سوريا. وتحت عنوان “الاضطرابات في لبنان تؤذي سوريا”، نشرت الصحيفة البريطانية ، تقريراً عن تأثّر السوريين بأزمة شح الدولار الامريكي.

تشولي كورنيس
واشارت في بدايته إلى الطريق الطويل ، الذي يربط ما بين (بيروت ودمشق)، والذي يكون في الأيام العادية مزدحما بالشاحنات المحملة بالمنتجات اللبنانية ، والمستوردة من الخارج ، والسيارات التي تحمل اللوحات السورية ، وتنقل رجال الأعمال، وبين الحركة على الشارع هناك ، شاحنات محملة بأكياس من الدولارات الأمريكية من البنوك اللبنانية ، ومحلات الصرافة.
ويعتبر الطريق الممتد على 100 كيلومترا ، الشريان المالي الحيوي لسوريا ، التي مزقتها الحرب ، ويساعد الشركات على النجاة في اقتصاد “غامض” ، تختفي فيه الخطوط ما بين التجارة الحقيقية والتهريب ، ولكن لبنان اليوم يعيش حالة اضطراب ، وأزمة بنوك ، وخسارة مفاجئة لسوق الدولارات ، الذي ساعد سوريا في الإستيراد الخارجي، بشكل يهدد بفوضى كبيرة.
وتضيف الأحداث في لبنان لمتاعب الإقتصاد السوري ، الذي (انهار) تحت وطأة تسعة سنوات “تقريبا” من الحرب ، ولا توجد أي مظاهر عن تعافيه ، رغم المكاسب التي حققتها الحكومة السورية في الآعوام الماضية ، وبات يسيطر على ثلثي البلاد ، فرغم العقوبات الأمريكية على نظام الرئيس بشار الأسد ، ظلت العملات الخضراء ضرورية لسوريا ، لأنها الوسيلة الرئيسية لاستيراد كل شيء من حليب الأطفال إلى قطع الغيار للمصانع.
ومنذ اندلاع التظاهرات في منتصف تشرين الأول (أكتوبر) بمعظم أنحاء لبنان ، بات من الواضح أن شريان الحياة من الدولارات في لبنان ، جف ، واختفت منه العملة الصعبة المهمة لنجاة دمشق ، ولمنع نقص العملة لدى البنوك وفي غياب السيطرة الرسمية على رأس المال ، أغلقت هذه أبوابها معظم الشهر الماضي.
وفرضت انظمة حددت سحب الأموال ، وقيودا على تحويلها ، وتنقل المراسلة عن رجل أعمال سوري ، قوله : “لدينا مشكلة في تدفق السيولة النقدية”، مضيفا “كل التجارة السورية تتم عبر لبنان، ونحن نعد كل جنيه نقوم بصرفه الآن”.

منطقة “المصنع” على الحدود اللبنانية – السورية
يقول الإقتصادي اللبناني (روي بدارو) ، إن العائلات التجارية السورية ، هي من بنى المصارف في لبنان، وهناك عائلات مالية قوية في لبنان ، ذات جذور سورية ، مثل عائلة “أزهري” ، صاحبة بنك (لبنان والمهجر \ بلوم” ، وبنك بيمو ، وعائلة أوبيجي. واشترك البلدان ، الذي رسمت خطة (سايكس- بيكو)، الحدود بينهما بالعملة، ولم يتم فصلها إلا في عام 1948 ، ولكن الآثار لا تزال قائمة.
واطلعت كاتبة التقرير على ورقة نقدية كانت بحوزة عجوز فلسطيني ، صادرة عن بنك (سوريا ولبنان) ، وطالما احتوت خزانات البنوك اللبنانية على الأموال السورية، حيث كان رجال الأعمال السوريين يبحثون عن ملجأ آمن لأموالهم من سياسات التأميم ، وأثناء الحرب الأهلية.
وفي البلدين اليوم ، يعني نقص الدولارات ، انخفاض قيمة العملة فيهما ، وخسرت العملة اللبنانية “خمسة قيمتها” في السوق السوداء منذ الصيف ، أما العملة السورية فقد وصلت إلى أدنى مستوياتها ، وخسرت نسبة 20% منذ أيلول (سبتمبر).
وتحاول السلطات ، التعويل على رجال الأعمال لإنقاذ الليرة ، ويتحدث التجار عن فرض قيود على الإستيراد ومطالب لتحقيق الإستقرار على التمويل المتعلق بالبنوك التي تواجه صعوبات ، وادى نقص الدولار وانخفاض العملة المحلية إلى زيادة معدلات التضخم ، وأثرت زيادة الأسعار على اللبنانيين ، ولكن السوريين كانوا المتضررين الأكثر، فهناك نسبة 80% يعيش في ظل الفقر”. وقال رجل أعمال “يعيش السوريون على الحافة”.
وتقول مصادر ، إن أسعار بعض المواد ، زادت بنسبة (10-15)%. ويقول “سمير عطية”، الإقتصادي السوري ، المقيم في باريس “هذا وضع خطير” ، و “قد يقود إلى مجاعة”.
ولسنوات كان رجال الأعمال يستفيدون من سعر الفائدة بنسبة 10% ، للحصول على عوائد جيدة في لبنان وأفضل من الإستثمار في الأعمال ، ولكن الوضع لم يعد كما كان ، خاصة أن معظم الأموال السورية، نسبة 80% موجودة في لبنان ، حيث صار كل شخص خائف من خسارة ماله.
https://www.ft.com/content/532c223c-1062-11ea-a7e6-62bf4f9e548a
في السياق نفسه ، ومع تجاوز سعر صرف الدولار ، عتبة الـ”800″ ليرة سورية، أغلقت ، أمس – بحسب تحقيق ميداني (خاص) لموقع التجدد من العاصمة دمشق- عشرات من المحال التجارية ، أبوابها في العاصمة السورية، احتجاجاً على فوضى الاسعار ، وتخوفا من خسائر العملة السورية\ الليرة.
مصادر اقتصادية خاصة لـ”موقع التجدد الاخباري” ، عزت تدهور قيمة الليرة السورية أمام الدولار إلى التدابير المالية ، التي اتخذها لبنان على خلفية تأزم الأوضاع فيه، والتي أدت إلى ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء في سوريا، بعد قيام تجار لبنانيين كبار، بسحب الدولار من السوق السورية ، وزيادة اعتماد لبنان على سوريا ، لسحب مستورداته الاستهلاكية عبرها، لتمويلها بالعملة الصعبة عبر السوق السوري.

دمشق
وفي المقابل، يعجز المودعون السوريون في المصارف اللبنانية عن سحب إيداعاتهم، لتمويل مستورداتهم، وهو ما زاد الطلب على الدولار ، وأدى إلى ارتفاع سعره، برغم الإجراءات الشديدة للمصرف المركزي السوري.
وسجل سعر صرف الدولار الأميركي في سوريا ، ارتفاعاً غير مسبوق، إذ قفز، خلال (22 يوماً)، من (650) ليرة إلى (805) ليرات، وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعار معظم السلع والمواد الغذائية ، بنسبة 35 في المئة، وبدأت بعض المواد الأساسية ، تغيب عن الأسواق كـ”مادة السكر” ، التي ارتفعت الى ما بين (350 – 400 ليرة) ، وعادت الطوابير إلى المؤسسات الاستهلاكية الحكومية ، التي تتقيد بالأسعار الرسمية.