aren

أزمة لبنان تضر باقتصاد سوريا
الأحد - 1 - ديسمبر - 2019

دولار

التجدد الاخباري

نشرت صحيفة الـ“فايننشال تايمز” مقالا لمراسلتها “تشولي كورنيس” عن أثر الإضطرابات الحالية في لبنان على الحرب في سوريا. وتحت عنوان “الاضطرابات في لبنان تؤذي سوريا”، نشرت الصحيفة البريطانية ، تقريراً عن تأثّر السوريين بأزمة شح الدولار الامريكي.

تشولي كورنيس

واشارت في بدايته إلى الطريق الطويل ، الذي يربط ما بين (بيروت ودمشق)، والذي يكون في الأيام العادية مزدحما بالشاحنات المحملة بالمنتجات اللبنانية ، والمستوردة من الخارج ، والسيارات التي تحمل اللوحات السورية ، وتنقل رجال الأعمال، وبين الحركة على الشارع هناك ، شاحنات محملة بأكياس من الدولارات الأمريكية من البنوك اللبنانية ، ومحلات الصرافة.

ويعتبر الطريق الممتد على 100 كيلومترا ، الشريان المالي الحيوي لسوريا ، التي مزقتها الحرب ، ويساعد الشركات على النجاة في اقتصاد “غامض” ، تختفي فيه الخطوط ما بين التجارة الحقيقية والتهريب ، ولكن لبنان اليوم يعيش حالة اضطراب ، وأزمة بنوك ، وخسارة مفاجئة لسوق الدولارات ، الذي ساعد سوريا في الإستيراد الخارجي، بشكل يهدد بفوضى كبيرة.

وتضيف الأحداث في لبنان لمتاعب الإقتصاد السوري ، الذي (انهار) تحت وطأة تسعة سنوات “تقريبا” من الحرب ، ولا توجد أي مظاهر عن تعافيه ، رغم المكاسب التي حققتها الحكومة السورية في الآعوام الماضية ، وبات يسيطر على ثلثي البلاد ، فرغم العقوبات الأمريكية على نظام الرئيس بشار الأسد ، ظلت العملات الخضراء ضرورية لسوريا ، لأنها الوسيلة الرئيسية لاستيراد كل شيء من حليب الأطفال إلى قطع الغيار للمصانع.

ومنذ اندلاع التظاهرات في منتصف تشرين الأول (أكتوبر) بمعظم أنحاء لبنان ، بات من الواضح أن شريان الحياة من الدولارات في لبنان ، جف ، واختفت منه العملة الصعبة المهمة لنجاة دمشق ، ولمنع نقص العملة لدى البنوك وفي غياب السيطرة الرسمية على رأس المال ، أغلقت هذه أبوابها معظم الشهر الماضي.

وفرضت انظمة حددت سحب الأموال ، وقيودا على تحويلها ، وتنقل المراسلة عن رجل أعمال سوري ، قوله : “لدينا مشكلة في تدفق السيولة النقدية”، مضيفا “كل التجارة السورية تتم عبر لبنان، ونحن نعد كل جنيه نقوم بصرفه الآن”.

منطقة “المصنع” على الحدود اللبنانية – السورية

يقول الإقتصادي اللبناني (روي بدارو) ، إن العائلات التجارية السورية ، هي من بنى المصارف في لبنان، وهناك عائلات مالية قوية في لبنان ، ذات جذور سورية ، مثل عائلة “أزهري” ، صاحبة بنك (لبنان والمهجر \ بلوم” ، وبنك بيمو ، وعائلة أوبيجي. واشترك البلدان ، الذي رسمت خطة (سايكس- بيكو)، الحدود بينهما بالعملة، ولم يتم فصلها إلا في عام 1948 ، ولكن الآثار لا تزال قائمة.

واطلعت كاتبة التقرير على ورقة نقدية كانت بحوزة عجوز فلسطيني ، صادرة عن بنك (سوريا ولبنان) ، وطالما احتوت خزانات البنوك اللبنانية على الأموال السورية، حيث كان رجال الأعمال السوريين يبحثون عن ملجأ آمن لأموالهم من سياسات التأميم ، وأثناء الحرب الأهلية.

وفي البلدين اليوم ، يعني نقص الدولارات ، انخفاض قيمة العملة فيهما ، وخسرت العملة اللبنانية “خمسة قيمتها” في السوق السوداء منذ الصيف ، أما العملة السورية فقد وصلت إلى أدنى مستوياتها ، وخسرت نسبة 20% منذ أيلول (سبتمبر).

وتحاول السلطات ، التعويل على رجال الأعمال لإنقاذ الليرة ، ويتحدث التجار عن فرض قيود على الإستيراد ومطالب لتحقيق الإستقرار على التمويل المتعلق بالبنوك التي تواجه صعوبات ، وادى نقص الدولار وانخفاض العملة المحلية إلى زيادة معدلات التضخم ، وأثرت زيادة الأسعار على اللبنانيين ، ولكن السوريين كانوا المتضررين الأكثر، فهناك نسبة 80% يعيش في ظل الفقر”. وقال رجل أعمال “يعيش السوريون على الحافة”.

وتقول مصادر ، إن أسعار بعض المواد ، زادت بنسبة (10-15)%. ويقول “سمير عطية”، الإقتصادي السوري ، المقيم في باريس “هذا وضع خطير” ، و “قد يقود إلى مجاعة”.

ولسنوات كان رجال الأعمال يستفيدون من سعر الفائدة بنسبة 10% ، للحصول على عوائد جيدة في لبنان وأفضل من الإستثمار في الأعمال ، ولكن الوضع لم يعد كما كان ، خاصة أن معظم الأموال السورية، نسبة 80% موجودة في لبنان ، حيث صار كل شخص خائف من خسارة ماله.

https://www.ft.com/content/532c223c-1062-11ea-a7e6-62bf4f9e548a

في السياق نفسه ، ومع تجاوز سعر صرف الدولار ، عتبة الـ”800″ ليرة سورية، أغلقت ، أمس – بحسب تحقيق  ميداني (خاص) لموقع التجدد من العاصمة دمشق- عشرات من المحال التجارية ، أبوابها في العاصمة السورية، احتجاجاً على فوضى الاسعار ، وتخوفا من خسائر العملة السورية\ الليرة.

مصادر اقتصادية خاصة لـ”موقع التجدد الاخباري” ، عزت تدهور قيمة الليرة السورية أمام الدولار إلى التدابير المالية ، التي اتخذها لبنان على خلفية تأزم الأوضاع فيه، والتي أدت إلى ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء في سوريا، بعد قيام تجار لبنانيين كبار، بسحب الدولار من السوق السورية ، وزيادة اعتماد لبنان على سوريا ، لسحب مستورداته الاستهلاكية عبرها، لتمويلها بالعملة الصعبة عبر السوق السوري.

دمشق

وفي المقابل، يعجز المودعون السوريون في المصارف اللبنانية عن سحب إيداعاتهم، لتمويل مستورداتهم، وهو ما زاد الطلب على الدولار ، وأدى إلى ارتفاع سعره، برغم الإجراءات الشديدة للمصرف المركزي السوري.

وسجل سعر صرف الدولار الأميركي في سوريا ، ارتفاعاً غير مسبوق، إذ قفز، خلال (22 يوماً)، من (650) ليرة إلى (805) ليرات، وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعار معظم السلع والمواد الغذائية ، بنسبة 35 في المئة، وبدأت بعض المواد الأساسية ، تغيب عن الأسواق كـ”مادة السكر” ، التي ارتفعت الى ما بين (350 – 400 ليرة) ، وعادت الطوابير إلى المؤسسات الاستهلاكية الحكومية ، التي تتقيد بالأسعار الرسمية.