يوم أعلن أردوغان تحويل (آيا صوفيا) الى مسجد ، ذكرنا بـ”العهدة العمرية” التي تعهد فيها الخليفة الراشد عمر بن الخطاب بحفظ وحماية كنيسة القيامة ، من تفسير أمير أو مشتبه كـ”اردوغان” وتفسير صلاة الخليفة بالكنيسة لتحويلها الى مسجد ، وبذلك رسخ ابن الخطاب ، موقف الاسلام من المسيحية ، والكنائس .
ولم تمض أيام ، حتى ذكرنا أحد الباحثين بـ(العهد) ، الذي اعتمده الرسول (محمد) صلى الله عليه وسلم مع وفد مسيحي “نجران”، الذين قدموا من الجنوب ، ونص هذا العهد النبوي بحق المسيحيين بدور عبادتهم ، ولهم على المسلمين و(النبي أولهم)، ان يرد الاذى عنهم ، وأكد هذا العهد ان من يفعل عكس ذلك كـ”اردوغان” ، ينكث عهد الله ، ويخالف رسوله (ص). كما وعد النبي والمسلمون من بعده بحفظ ذمتهم ، أينما كانوا من بر أو بحر في المشرق والمغرب والشمال والجنوب .
وفي العهد الاموي ، وعندما تقرر توسعة الجامع العمري -الذي أصبح (الاموي)- تبين أنه لايمكن انجاز هذه التوسعة ، الا على حساب كنيسة تجاوره ، ولم يرض الخليفة الاموي (عمر بن عبد العزيز) انجاز هذه التوسعة ، الا برضى أصحاب الامر في الكنيسة ، وتم الاتفاق بالتراضي باعطاء الكنيسة ثلاث قطع أرض في دمشق ، لانشاء كنائس بديلة عليها ، منها : بناء البطريركية ، اضافة الى اقامة (14) كنيسة في غوطة دمشق مع ابقاء ضريح “يوحنا المعمدان” في الجامع ، وهكذا حافظت دمشق على مودتها بين المسلمين والمسيحيين حول ضريح يوحنا المعمدان ، الكامن في نفسه كــ”يحي” المقدس لدى المسلمين ، انه الواحد باسمين مسيحي ومسلم.
كل هذا ، استند الى النص القرآني ، الذي يستنكر هدم او الاعتداء على صوامع وبيع ومساجد وصلوات يذكر فيها اسم الله كثيرا ، والصوامع والبيع، اضيفت في القرآن الى المساجد ، أي ان الكنائس ودور العبادة للاديان الثلاثة ، متساوية ، لان اسم الله يذكر فيها كثيرا.
من هنا ، كان عهد الرسول الكريم لوفد المسيحيين ، وثيقة للانسانية ، كما كان موقف ابن الخطاب عند أعتاب كنيسة القيامة ، مثالا اسلاميا للابد ، وماقام به عمر بن عبد العزيز مع كنيسة “يوحنا” ، كان عنوانا للتعاون والمودة بين المسلمين والمسيحيين. المودة مع الاحترام ، وستبقى فتوى ابن عبد العزيز ، بان الصلاة في الارض المغصوبة غير جائزة ، ومافعله اردوغان مع (آيا صوفيا) ، فعل اغتصاب ، الاسلام بريء منه ، والصلاة فيها غير جائزة.
ان زواج الشوفينية القومية التركية مع التعصب الديني الاخونجي في سياسة اردوغان تجاه المنطقة ، يفسر اطماعه التوسعية من سورية الى لبيبا ، انها الفاشية الاردوغانية المعادية لدول المنطقة ، والكارهة للاديان والطوائف الاخرى ، والهدف التوسع والسيطرة على حساب ابادة الآخرين جسديا وعقائديا ،وسياسيا .
انها الفاشية القومية الدينية الاردوغانية ، التي تستوجب من شعوب ودول المنطقة ، اليقظة والتعاون على اساس احترام الاديان والشرائع والقوميات ، وبناء على مبدأ المودة ، التي جعلها القرآن ، الناتج الانساني عن مزج الاحترام مع المحبة ، وبدون هذا التعاون بين دول المنطقة ، سيستمر خطر (فاشية اردوغان) بالتوازي مع خطر (فاشية اسرائيل) ، وستبقى المنطقة ، مرشحة لاحتلال قوائم ضحايا هذه الفاشية الدينية القومية ، بوجهيها “الاردوغاني الصهيوني”.